الأسراب الجانحة
يوم امتطينا المنكب البرزخي .
ظهر :
/1
/ 8
/2019
والولي اروع مثال في العزم والارادة
هو رمز النضال للفرد السياده
حياتك مفيدة يا رمز الشهادة
ودليل القاعدة ودليل القيادة .
لرض المفرط فناه للشعب السعاده
واستشهد في الميدان ما خان الشهداء
واستشهد في الميدان ما خان الشهداء
دن دنة الأنغام كانت تدوزن إيقاع الروح . وتوقظ فينا الحنين للأرض .ترنيمة الصحراء الخالدة ذاك النهار .صهرتنا في بوتقة واحدة .وجبرت مصائرنا .في موكب من الحنين والشوق والفرح العارم .كنا نتوهج .
كان اللحن الشجي الهائم في الخلاء يعزف مع الريح معزوفة الخلود .فنطرب ونترنم .
كان الغبار يتسرب من علي واسفل .من كل مكان
وفي مواكب تتري .
عن اليمين وعن الشمال. مخفورين بالغبار .كانت السيارة
تصعد وتهبط .تارة في ديجور منبسط وطورا في رملي اوصخري مستلين .في الافق جبال شاحبه . تتواري خلفها أشباح السنين وحوادث اللبالي
أمامنا سيارتان وخلفنا الغبار. تحت سفح جبل كأنه يصغي لأصوات الخلاء ويرنو لخطوات العابرين .
.علي ارض تكاد تكون جرداء .لولا شجيرات هناوهناك .يستريح في ظلها سراب العابرين ويستظل بها .
كان سائقنا "سيدي "منهكا .بادية عليه آثار التعب .كنت اجلس بجواره التفت الي :
نحن الآن في الحوزة الترابية للجمهورية العربيه الصحراوية .
بدأ يدخن ثم ضغط علي مسجل السيارة .زاد الصوت قوة واسترسل النشيد الملحمي الخالد :
ويا الشهداء اراعيه ظو اصبح يتكادي
والولي اروع مثال في العزم او لراده
هو رمز النضال للفرد السيادة
/ 30
/7
/2019
علي
صهوة
المساء :
محطة تندوف .حوالي الساعة الرابعة يطوحني التعب والوسن .
احس الصهد .والعرق يتفصد من جبيني .بين المسافرين .حملت حقائبي . وذهبت ابحث عن تاكسي تقلني نحوالمدينة .
كانت مجموعة من الشباب الصحراوي نحو خمسة عشر او يزيدون
يجلسون تحت شجرة منخسفة الظل .ووراءهم جدار يكاد ان ينقض .احدهم يلبس برنوسا .كانوا يديرون الشاي .كانت اشعة الشمس الحارة كانها سوط يلهب راسي و ظهري. كنت ارتدي قبعة يخيل لي انها اكبر من جبال الهملايا .وجاكيتة . كنت متعبا جدا .وقد اعياني حمل حقائبي رغم انها صغيرة وليست ثقيلة
لست ادري ذالك اليوم .هل هوانا حقا !
في حمام المحطة تطلعت في المرآة . أشعث .أغبر همس صوت في داخلي
اللهم اني اعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر. عيناي غائمتنان من السهر . ابدو غريبا
بقبعتي الكبيرة كأني مكسيكي هبط من اصقاع بعيده .!
صاحب التاكسي "نفعي " كأنه لمس مافي نفسي قال لي :هناك مرش ان كنت ترغب في الاستحمام
_نعم انا الآن ابدو رجلا من الغبار
في المرش دغدغ الماء البارد جسدي المنهك وسرت برودته في روحي المتعبه.
تندوف
في المساء .كنت اقف مع صاحب التاكسي .احدق في المارة
واحيانا انظر في نخلات امامي .يأخذني الفضول .اتطلع فيما حوالي. لا اعرف احدا في تندوف .ولم يسبق لي ان زرتها .
قيل لي انها مثل آدرار وبشار .وان اهلها مثلنا متيمون بالشاي .
الاخضر .كبعض اهل الجنوب الجزائري الذين يتكلمون لهجتنا الحسانيه ويلبسون لباسنا ولهم نفس تقاليدنا .ويشبهوننا كثيرا حتي لكأننا خرجنا من بطن واحد .بين الفينة والأخري .ألمح "الدراريع و الملاحف " تجول في الشوارع
تندوف تشبه صحرائي .
_ في اي نزل او فندق تريد المبيت .
_لا انوي المبيت
_الي أين سننطلق
-الي الرابوني .
في الطريق .تبادلت و"نفعي "الحديث عن المخيمات واللاجئيين .الصحراويين ومعاناتهم والشباب الصحراوي .واوضاع اللاجئين
كان شابا في مقتبل العمر خريج اعلام من ليبيا .لم يجد العمل فاضطر ان يكون صاحب" تاكسي "
نفعي يبدو تعب السنين باديا عليه
سنين طويله من معاناة اللجوء والمنافي بين ليبيا وموريتانيا والجزاير كما قال لي .
عند البوابة الأولي الجزائرية امرني ان اخبىء جواز سفري عن أعين الجيش الجزائري .قال لي إن سألك الحرس عن جواز سفرك
لاتتكلم اوقل انك صحراوي ودع الأمر لي .استفسرته ان كان في الأمر ما يقلق .وهل يسمح لنا بدخول الرابوني
قال لي :
لا امر عادي مسموح لك بالدخول لكن احيانا يتطلب الامر اجراءات ويأخذ ذالك وقتا .هو احتياط فقط لتفادي العرقلة.
تجاوزنا البوابة الجزائرية ولم يسألنا أحد
أومأ لنا الحارس برأسه
ومررنا .بسلام .نحو البوابة الأخرى .في الأفق كان علم الصحراء يرفرف في السماء .
قبل الغروب وصلنا الرابوني . عند المحطة .أمام بيوت متراصة
حططنا رحالنا . استقبلنا "سعيد "و "هراس " سألني أحدهم إلي أين تقصد؟
قلت موريتاني متجه إلى صحرائه .تبادلت وهراس الحديث
وخيل لي اني رأيت
وجهه من قبل في الزويرات .كأني اعرفه ؟
كان الرجال يتبادلون الحديث ويديرون الشاي .
تحدثت معهم قليلا
تركتهم في حديثهم الذي لم اكن اصغي له جيدا كنت متعبا شاردا .احيانا تلتقط اذني كلمات
كوبا واسبانيا والجزاير وموريتانيا والمغرب والصحراء
غسلت وجهي وخرجت الي الشارع .امامي كان المسجد منتصبا .
وصهريج ماءكبير. وغير بعيد علم الصحراء ممزق الحواشي يرفرف في السماء. عسكريون صحراويون .مروا من امامي .خلفي لافتة الأمم المتحدة للاجئين تظهر علي احد الابنية .
قبالتها .صبية صغار يلعبون الكرة وقد انفرد أحدهم وانحني كأنه يدخن .
علي مد البصر تترامي منازل الرابوني المتواضعه .وقد بدأت الاضواء توقد .وبدأ النهار يتواري .
أذن المؤذن .دلفت الي داخل المسجد .وصليت المغرب وعدت ادراجي .
هذا هو الرابوني منفذ وبوابة مخيمات اللاجئين الصحراويين سنوات بعيده كالبرق الخاطف تداعت صورها
في ذهني .في قريتي البعيدة .كم سمعت عن متحدثين عن الحرب مع الصحراء وهجوم تيشيت . وأحد ابناء القرية الذي استشهد في الحرب.
.هؤلاء اخوتنا واشقاؤنا . ابناء عمومتنا الذين تحاربنا معهم . هؤلاء الذين طال شوقنا لهم وتغنينا بأهازيج ثورتهم
"يا خوتي الصحراء ما تنباع "
اربعون عاما من المنافي .لم توهن الصحراويين .صلبتهم وصهرتهم
ليكونوا اقوي في المطالبة بحقهم في ارضهم .وجعلت من قضيتهم قضية عربيه ودولية.الصحراء للصحراويين ومن حقهم ان يحيوا فيها بكرامة وشرف ..
للاسف لحق الصحراويين تجاهل ونكران من العرب .ربما بسب الظرف القاسي والسياق التاريخي الاستثنائي الذي قامت فيه الصحراء أوان المد القومي.اذرأي البعض في الدولة الصحراوية تجزئة وخرابا يدعو له الاقليمين المناهضين للوحدة العربيه والزعيم جمال عبد الناصر
بالتالي نسيت الصحراء
ثم ان جرح العروبة العميق "فلسطين ". قد ذابت فيه كل جراحنا لشساعته وبعد غوره في الوجدان .كل ذالك غيب
صوت الصحراء .وزاد من عزلتها أكثر
ليل الرابوني مفعم بأحلام جهيضة . واشواق محزونة تهب من كل ناحية وتسري
في قلب الليل .علي بعد خمسين كيلومتر .من المخيمات الصحراويه
المتناثرة في الخلاء .
في ليل الرابوني يسترسل الأسي والحيره مع البرد القارس .كل شحخص تحدثه احلامه مكدسة في المستحيل .اين يمضي ؟ماذا يعمل ؟
في ظل اوضاع قاسية يحرم بعض الاطفال من التعليم .والشباب عاطل عن العمل .والخدمات الصحية متردية .حياة اللجوء في المخيمات صعبه .خيم تتقاذفها الريح وناس تعيش حياتها في سهو
الأمل .يمضي الوقت الروتين .كل شيء .يمد افق الانتظار للمجهول .
اعد لنا سعيد العشاء وجلسنا أمام دكانه .كنا ثلاثة نتسامر حول الشاي ساعات .بعدها أعد سعيد متكأه في العراء وادخلني في ممر صغيىر
يفصل بينه ودكانه بيت آخر. كان من المفروض ان نبيت في البيت لكن مقدم امرأتين حتم عليه ان يدع لهما البيت
ويعتذر لي .كما تقتضي الأعراف والتقاليد .
وتركنا لهن البيت ليبتن وحدهن . تدثرت بلحاف سعيد وجلابيتي استلقيت علي قفاي .التصقت بالجدار محتميا به من لسعات البرد يراودني الكري .كنت اسمع صوت احداهن تصلي .ثم تهامستا
ومن بعيد كأن كلبا ينبح .
**
نشرت بتاريخ:
02/02/2020