"والسؤال هو، بيتك الذي تفزع فيه، أم تفزع منه"
أحب كثيرًا إسقاط هذا السؤال على النفس بدلًا من إسقاطه على البيت بمعناه المادي، أرى أن نفسي هي ذاك البيت الذي أود أن أفزع إليه يومًا ما، تكون سكني ولا تفزعني زيادةً فوق فزعي، دعنا من هذه الثرثرة التي لا تفيد.
توقفنا عند نموذجي (القناع، والظل) واليوم أخبرك بالنموذجين المتبقيين:
- المقوم – Anima/s
Anima وهي الجزء الأنثوي في نفسية الذكر، أما Animas الجزء الذكري في نفسية الأنثى.
دعنا من المعنى الحرفي ولنفهم المعنى المقصود عند يونج، حيث يخبرك يونج أن
1. الأنيما هي الطاقة الإبداعية الكامنة في لاوعي أو لاشعور الرجل، حيث تتمثل وبشدة في شبكة الأحاسيس والمشاعر المخزونة، والطفولة وغيره، يمكنك القول بأنه الجزء (العاطفي) داخل الرجل ومن دونه من الصعب على الرجل أن يزن قراراته بشكل متزن، أي إنه سيكون عبارة عن آلة صماء لا تتحدث إلا بالمنطق والخشونة.
2. الأنيماس داخل الأنثى، هو الجزء المنفتح، الانبساطي، المعقد، المفكر داخل لاوعي الأنثى، هو جزء (المنطق والفكر) داخلها.
يخبرنا أحد المحللين النفسيين أنه إن لم يتم تفعيل هذين القطبين داخل كل طرف سيفقد الشخص القوة الدافعة له، أي أن القوة الدافعة للذكر على العمل ليست في قوته بل في المعنى الذي يستمد منه قوته، وبالعكس عند الأنثى فإن القوة الدافعة لها ليست في المعنى المستمد من العاطفة لها بل في القطب الذكوري (العامل) لديها في اللاشعور أو اللاوعي.
هل تعمل المادة الفعالة داخل الدواء إن لم تدخل لجسم الإنسان؟
هل تستفيد بالطاقة الكهرومائية إن لم تجد مياه البحيرة؟
بالطبع، لا
يزيدنا يونج معنىً بأن الأنيما/س هي النظير الداخلي للقناع، حيث تعمل نفس وظائف القناع ولكن داخليًا ولكن أثرها يظهر على السطح مكملةً لعمل القناع.
كما يعمل القناع على حماية (النفس – Ego) من العالم الخارجي، تعمل الأنيما/س على حماية النفس – Ego من تهديدات الأفكار السلبية والمشاعر الداخلية المخزنة في اللاوعي.
ومثلما كان القناع هو نافذة النفس – Ego على العالم الخارجي، كذلك الأنيما/س هي نافذة النفس – Ego على العالم الداخلي.
والسؤال ما هو العالم الخارجي والعالم الداخلي هنا؟
المعنى أن القناع هو الجسر الرابط بين الوعي الشخصي والمجتمع
وكذلك الأنيما/س هي الجسر بين الوعي الشخصي واللاوعي الجمعي
أهمية الأنيما/س كما وصفها يونج إنها الطريق الأقرب والأشد عمقًا للـنفس – Ego .
- مركزية النفس – Self
النفس أشبه بالشمس في المجموعة الشمسية، توجد في المركز وحولها الوعي واللاوعي وللتوضيح انظر الصورة
ولزيادة أهمية إزالة الأغشية للوصول لمعرفة مركزية النفس، يونج أخبر أن كلما ما زاد معرفة وفهم الإنسان لمركزيته الحقيقة بعيدًا عن تشوهات القناع والظل وحتى التشوه الممكن في الأنيما/س، كلما حقق الإنسان التوازن الفكري والنفسي بشكل أكبر وأوسع على مدار العالم من خلال القناع وفي الداخل من خلال الأنيما/س.
يونج لا يعبر عن أهميتها بهذا الشكل البسيط، بل يخبرك أن زيادة فهم ووضوح رؤيتك لها، هو زيادة لصحتك النفسية والعقلية وحتى الفسيولوجية بل حتى ووجودك الفريد -وحدك أنت- في هذه الحياة.
الرحلة مع يونج لم تنتهي بعد، لكن التغيير منه لغيره مطلوب، لربما لا تعلم أن لكل أنموذج مما ذكرنا له إسقاط قوي جدا على الواقع، على سبيل المثال لا على سبيل التشويق صدقني:
الأنيما/س لها دور كبير في اختيارك لشريكة حياتك دون غيرها وهذا طبقًا لما يلعبه هذا الجزء في اللاوعي الخاص بك، وبالمثل فاختيارك لهذا دون ذاك كان بسبب دور جزء الأنيماس في اللاوعي الخاص بكِ أنتِ.
والأمثلة كثر وهذا يندرج في موضع (الإسقاطات - Projections) ودورها لكل من الذكر والأنثى.