لو سؤلت لمن الفضل اليوم في الترعرع في ظل هذا الدين لأجبت ما من عبد سجد في مصر إلا وعاد الفضل إلىٰ عمرو بن العاص حين فتحها وصلاح الدين حين أنقاذها من التَشيع، وما كبر شاب فى شمال إفريقيا إلا عاد الفضل إلى عقبة، وموسي بن نصير وغيرهم.

وما ركع شيخ فى الهند، وباكستان ووسط آسيا إلا عاد الفضل إلى قتيبة بن مسلم، ومحمد بن القاسم الثقفي.

وما سجدت سيدة فى أكثر من عشرين دولة بغرب أفريقيا إلا وعاد إلي أبو بكر بن عمر اللمتونى، ويوسف بن تاشفين وغيرهم.

وما تحجبت فتاة فى ألبانيا والبوسنة إلا عاد الفضل إلى عثمان بن أرطغرل...وما وصل لعبد نور التوحيد إلىٰ امريكا الا كان لدعاة أمثال ديدات وذاكر و إستس و...و...!

وإذا كان نور التوحيد وصل لهؤلاء فبالتأكيد يعود الفضل الى خالد والمثنى، ويزيد بن أبى سفيان، وعمرو بن العاص، وسعد بن أبي وقاص، وغيرهم الذين كانوا دعامة في ثبيت وتد الإسلام وإذا نجح هؤلاء في نشر الإسلام على مداه الواسع فالفضل يعود إلى الأنصار الذين جادوا بأموالهم، وأنفسهم لرسول الله، وقبل هؤلاء إلى القلة المستضعفة في مكة الذين نصروا سرية الدعوة وتحملوا البلاء لكي يأتي يوماً وأتحجب  أنا، وأنت تصلين، وأخاك يربي لحيته !

وهذا كله يعود لفضل رسول الله الذي بلغ الرسالة، وأدى الأمانة وكشف الغمة، ونصر الله به الأمة، ثم أولاً وآخراً يعود الفضل والمنة إلىٰ الله عز وجل، أنقذ من الضلالة وعلّم من الجهالة َوأنار القلوب والأفكار، وأحيا الضمائر والأبصار ثم خفف عنك، وأمرك بعبادته لسنين قليلة أقل من يوم القيامة الذى يبلغ خمسين ألف سنة ووعدك بحياة أبدية خالدة في جنات النعيم المقيم !

وإذا كان الاسلام عاد غريباً ضعيفاً فلعل هذا ما أشار إليه الحبيب فإن من ورائكم أيامًا الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم. وفي رواية: قيل يا رسول الله أجر خمسين منا أو منهم؟ قال: بل أجر خمسين منكم. (رواه الترمذي ) وهذا لأننا في زمن فتن وتيه ظلمات فوقها فوق بعض!

وإذا كان الأجر كذلك فإن إعادة فتح الأقصى بالتأكيد يعود الى ذلك الذي يقبض على دينه ويرفع الراية وينصح الأمه ويبلغ الرسالة .....

وذلك تأسيًا بقولة ابن تيمية

(واعلموا أصلحكم الله أن من أعظم النعم على من أراد الله به خيرا أن أحياه إلى هذا الوقت الذي يجدد الله فيه الدين ويحيى فيه شعار المسلمين وأحوال المؤمنين والمجاهدين حتى يكون شبيهًا بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار فمن قام في هذا الوقت بذلك كان من التابعين لهم بإحسان الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا ذلك الفوز العظيم) 

وإن فتح الأقصى فالفضل سيعود إلىٰ ذاك الذي ثبت ولم يغرق في الفتن ومسك على جمرة عقيدته بأيدٍ غير مرتشعة ولن يفتح الأقصى إلىٰ بإعادة فتح الأمصار ...وأن يبدأ كلًا منا بنفسه ويعلم دوره فليس الفارس فقط الذي يحملُ اليوم سلاحًا إنما الفارس الذي يحملُ فكزًا وعقيدةٌ تهديه للحق، وتبصره للواجب المطلوب منه، ليكون على بينةٍ من ربه، ولكي يكون الأمر سهلًا على كلًا منا في هذه الحياة أن يجعل له هدفًا ولو بسيطًا فالبناء الشاهق يتكون من مئات الأحجار الصغيرة التي لو فقدت أحدها أو لم تحصل عليه أو تزحزح عن مكانه قليلاً فإن هذا البناء الشاهق االطويل سيسقط في برهة واحدة وكأن شيئاً لم يكن، وكذلك الأهداف الأخروية وأهداف النصر كلها تبدأ بالتغيير البسيط، فلاتكن جاهلًا منغمس في دنياك تائهًا مع أصحابك في الدنيا، فلا أنت جاهدت بعلمك، ولا أنت دافعت عن أمتك، مجرد لاشيئ في ميزان أمتك، ولاتقل كيف نهزم تلك القوى وتلك الدول فليس هناك عدو سوى نفسك، ولاشيئ في تلك الحياة مرتهن بوقت، كل شيء في علم القدير غير مرتهن بوقت، فليس ثمة وقتٍ معين للنصر، لكن الأيسر أن تعالج أخطائك وأن تموت على هدفٍ، فإن لم يقضِ الله ذلك، سيتصافح بفضل الله ثم بفضل سعيك في ربُاها فتيانٌك وقد بعثت حلمك معهم، وفتيان آخرين لايعلمون ولاتعلمهم لكن الله يعلمهم!

يلتقون هناك، كل الحالمين في أنحاء هذه الأرض الموحشة، الناؤون في الأكواخ ، قاطنو الجبال ، مسلمو السواحل، بادية الصحراء ، المدنيُّون .. يصطفون جميعاً يصلون ، ثم يدعون لآبائهم ومعلميهم، ومن كان له دورًا في تلك الوقفة، وذلك الفتح. 

حتي الذين قالوا : ستصلون في المسجد الأقصى- وماتوا وما رأوا ذلك يكفي قولة الحق والتصديق، وقد يقضي الله لك بدخوله حتى وإن كنت شيخًا كبيرًا فإن حلمك حلم الصبى

إذًا ليس مطلوبًا منك أن ترى النصر... مطلوبٌ الصدق والعزم علىٰ صنَاعَته، فإن رأيته فهو خير وشفاء، وإن حشرجت الروح فقد أعذرتَ أمام ربك. لا تؤجل معركتك الآن فإن خلت يداك من السلاح، فلم يخلو لسانك فعقيدتك الآن أقوى سلاح تحارب به و تحارب عليه..... قوة عقلك جيش جرار، وصناعة الثغر ليس بالشيئ العسير، المهم أن تسأل الله الصدق والإخلاص والثبات، ثم العزم وماكان الله ليضيع إيمانكم إن بالناس لرؤوف رحيم