يجري في عموم الفكر الفلسفي الحديث 

باب جديد من الممارسة الفلسفية، نشأ هذا 

النوع من التفكير في أوروبا في القرن 

السابع عشر، في فترة اليقظة الغربية 

التي مافتئ مفكرونا يدعوننا إلى تقليدها 

والتي تسمّت باسم "عصرالأنوار"، وقد أُطلق 

على هذا الباب الفلسفي الجديد اسم 

"فلسفةالدين". وللأسف لم يبلغ المتفلسف 

العربي بعدُ أشدّه، حتى ينفتح لتقبّل 

مايخالف الكتابة ذات التوجّه اللاديني 

واللأخلاقي التي حُشيت بها العقول 

وارتاضت عليها النفوس.

ويتعيّن 

التفريق بين "فلسفةالدين"  و"علم اللاهوت 

على 

طريقة رجال الدين من اليهود والمسيحيين"؛

 فهذا العلم يقضي بأن تتولى فئة مأذونة 

ذات سلطة مخصوصة من رجال الدين 

النظر في ذات الإله وصفاته وعلاقاته 

بالإنسان والعالم من أجل توضيح مضامينها 

ومقاصدها للفئات الأخرى لكي تأخذ بها 

من دون سواها، بينما فلسفة الدين لاتتوسل 

بسلطة المؤسسة الكهنوتية، وإنما بسلطة 

العقل، ولاتتفكر في ذات الإله، وإنما 

في ذات الإنسان في علاقته بالإله، وبفضل 

استبدال فلسفة الدين سلطة العقل 

مكان سلطة الكهنوت واستبدالها النظر 

الإنساني مكان النظر الإلهي، فإنها تكون 

عبارة عن ثمرة من ثمار حركة التحرر 

الفكرية التي اتصف بها عصر الأنوار.

كما يتعيّن التفريق بين "فلسفةالدين

و"علم الكلام على طريقة النظار المسلمين"، 

إذ كان هؤلاء يتولّون ردّ الشّبه والاعتراضات 

التي يوردها 

الخصوم والمبتدعون على العقيدة الإسلامية، 

مدافعين عن مقوماتها بما أوتوا من الأدلة 

العقلية الملتزمة بقواعد المناظرة؛ في حين 

فلسفة الدين لاتقصد الدفاع عن العقيدة 

ضد خصم معين، وإنما تجديد الفهم 

لمكوناتها ومقتضياتها في سياق المستجدات 

الفكرية، 

ولاتشتغل بالمسائل النظرية المجرّدة 

وإنما بالمسائل العملية المشخّصة، وبفضل 

استبدال الاشتغال بالمسائل العملية مكان 

الاشتغال بالمسائل المجرّدة، تكون عبارة 

عن ثمرة من ثمار حركة النهضة الفكرية 

التي يشهدها العالم الإسلامي في عصرنا هذا.

 

سؤال الأخلاق٢٢٣-٢٢٥بتصرف يسير