بقلم: محمد دومو
المدمن على القمار
ترى أناسا في سلوكياتهم اليومية، غير عاديين، وهم لا يعلمون ذلك، وكانهم مجانين اذا صح التعبير. اتخذوا القمار عبادة، لا يتكلمون ولا يتناقشون في المقاهي سوى على القمار صباح مساء. الفارس والفرس يتحولان عند هؤلاء إلى مجرد رقم. وكل المشاركين في هذا السباق يصبحون أرقاما مجردة. لدرجة ان كل الأرقام عندهم متشابهة، وبعد ذلك، يبدأون في عمليات حسابية لا تفهم الا عند هؤلاء، من جمع وطرح، وما شابه ذلك. وكأنهم حاسوبين أو أرباب متاجر، منكبون على اشغالهم بنوع من الانتباه التام. لأن ذلك يستلزم منهم التركيز. وما هم بهذا ولا ذاك..
وإنما يتخيل لأنفسهم أنهم بهذه العمليات، سوف يحلون لغزا، و ما هو بلغز، هو مجرد قمار لا اقل ولا اكثر. انه لعب حظ لا يستحق كل هذا العناء الموهوم..
والمدهش عند هذا النوع من الناس، أنهم بعد نتيجة المراهنة، ترى الكثير منهم يراجعون أوراق تحاليلهم لهذا السباق، عسى أن يكشفوا أين يكمن خطأ العمليات الحسابية التي قاموا بها بطريقة أو بأخرى.
نتيجة المراهنة، بنوع من الضغط النفسي، تسوقهم نحو أخطائهم المرتكبة في هذه العمليات الحسابية، ولكل منهم منطقه الخاص به، فلا من منطق عند شيء لا منطق له.
قد ترى الأمل في أعين هؤلاء المقامرين قبل الرهان، يتخيلون انفسهم أنهم ربحوا، و بهذا الحلم المؤقت، تحولت حياتهم المادية وبالتالي الاجتماعية، جعلت منهم أناسا يتمتعون في معانقة هذا الأمل المفقود عندهم..
وما ان تظهر نتيجة الرهان، حتى تسود وجوههم، وحينها تراهم تانية، يتداولون اشياء لا يقبلها اي منطق سوى منطق هؤلاء المدمنين المساكين..
وما هي الا بضع ثوان، من إحساس بالإحباط والفشل، حتى تراهم ثانية، يتناولون أوراق الرهان التالي و الثالث وهكذا..في معاودة الشيء نفسه، وبنفس الطريقة، اقول بنفس المنطق، ولا مجرد شك، بما هم على أثره مقدمين. وهكذا دون ملل أو انقطاع، انهم وللأسف الشديد أصبحوا بين مطرقة الربح وسندان الفشل...