في فترة ما من رحلة التدريس اخترتُ تدريس الفترة المسائية التي تمتد إلى الساعة السابعة، ولخمسة أسابيع متواصلة كانت خدمات المبنى التعليمي تتوقف عند الساعة الثانية ظهراً، ما عدا مطعم للأمانة وآلات البيع الذاتية، لأواجه منطوقي الذي كنت أتحاشاه بالمطالبات ما استطعت: "لستُ أدرّس تحت الشجرة!"، إنما اُستبدلت الأغصان بالسقف الاسمنتي، أما النسيم فمن النوافذ المفتوحة، والإضاءة النور الربّاني، فإذا ما حلّ المساء استعنا باللمبات الخافتة، إذ ليس لدينا غيرها، ونتخيلها سراج الليل.

كِدتُ أتماهى مع تجربة "التدريس تحت الشجرة" فأستبدل السبورة البيضاء بالسوداء، وأكتب بالطباشير. 

خوضي تجربة ما خشيته شكل لديّ تصوّر أفضل عن قدراتي التدريسية، وأنّ البيئة الماديّة تعزز السياق العلمي، ولا تغلبه.

يمر بخاطري أحياناً اقتراحات بعض الطالبات: "سبورة ذكية، معمل لغة، بلاك بورد " .. فأبتسم حتى تبدو نواجذي، وأفكّر بخوض تجربة "تدريس الكتاتيب" لكن هل يمكن أن يطلقوا عليّ "المطوعة" وأنا أدرّس إنجليزي؟

-

قُبيل كتابة هذه التدوينة وصلني طلب تقديم مقترحاتي ومتطلباتي للفصل الحالي، كتبت: "رضيتُ بشجرتي، أما طالباتي فلن يصعدن القمر بغصنها." .. بلغة مفهومة وأكاديمية طبعاً.