..
اتى الفراق يدق طبوله ويقرع ابواب قلبي، فنظرته من خلف الستار ثم جلست أبكي، أصابتني علة في جسدي، اشعر بثقل يخنقني، لا أطيق نفسي ولا الحياة بعدها، دعوت الله سنينًا أن لا تحل عليّ معك لعنة الفراق، لكنني خُذلت... فلم أدري، هل ادعو الله ان يلهمني الصبر؟ ام أدعوه ان يأخذني، هل أدعوه أن يعيدك لي إذ رحلتِ؟
أم اعاتبه على ماحل بقلبي!
أنت ربي، تعلم سري وجهري.. تعلم النار التي اشتعلت في صدري، وحدك تعلم مقدار حبي.. ثم يا الله!
وقفت مكتوف الأيدي، لا قوة لي الا بك، لا صبر عندي الا منك، لا حياة فيني سوى برحمة عندك!
لكنني أحببتها بصدق، فكيف يهُن علي بعدها؟
إنها حكمتك ولكنها رغبتي، لكنها دعوتي وحلمي و أمنيتي الخالدة، يارب قد سمعتني أناجيك باكيًا، أناجيك قائلًا: ان كان الخير في بعدها، فاللهم ليهلك الشر في قربها ويحل الخير معها، أولست من يجيب دعوة الداعي اذا دعاه ويكشف السوء؟
قد اصابني السوء وحلّ البلاء بصدري وتزلزلت أضلعي وأركاني، أينك إذ ادعو قربها؟ إذ ادعو بقاء الخير معها؟ إذ اقف الليل بين يديك خاضعًا مؤمنًا!
أهكذا ستدعها تمضي؟
ثم ماذا سيحل بي؟
بعد البكاء ،ستبقى الذكرى!
وكيف انسى؟ وهي كل ما أدعو به واتمنى!
وكيف أجد غيرها؟ ومن هناك يشبهها؟ كيف لي أن أحب! وقد هَدَتني عشقًا!
كيف يكون الخير؟
وقد كان القلب بها قصرًا! ثم الآن بات أضيق من القبر..!
كيف أستطعم في الحياة حلاوة؟ هل إلى خروج من هذه المتاهة؟
كيف أضحك وقد امتلأت وحدتي بها؟ كيف لا أحب من عجلت لي بها العافية والرزقَ!
أطعتك بها ماعصيتك، أحببتها صدقًا.. أردتها مهرةً في بيتي تحكمه عدلًا، مدرسةً لذريتي، تُقرأهم الكتاب وتعلّمهم إياه في المهد ثم الكهولة!
أردتها لهم جنة ولي سكنًا، والله لم ابتغي بحبها الا قربًا لك والجنة، جعلتني بارًّا بوالدتي، لم تجعلني جبارًا عصيًا، والسلام عليها ،ثم علي حين أبعث حيًا.. هذه الفوضى بداخلي، ليست الا مقدمةً لما سيأتي.. تبعثرت من قرب الفراق... فكيف سأصبح بعد هجرها؟
-ضرير.
-الثلاثاء.
-26/5/1441.
-21/1/2020.