لكل حُكم شرعي حكمة وعلة، يأتي هذا الحكم من مقتضى وصف وتحليل هذه العلة ، ولكل فتوى احوالها المكانية وظروف الزمانية قد تتغير وتتبدل وفقاً لتغير المواقع والأمكنة وبحسب حالة تلك الظروف، ونظراً لوجود فتوى سابقة تحذر من التعامل مع البنوك (الربوية) بأي شكل من الأشكال، غاب دور هذه البنوك في المشاركات المجتمعية بشكل تام، وانعدمت مساهمتها في المشاريع الخدمية التي تخدم المجتمع بشكل مباشر ، بإستثناء جمع الاموال وحمايتها، وبإستثناء الاستثمارات المعهودة في رؤس الاموال، وبخلاف الببع والشراء في الاسهم المحلية والعالمية، وهو بلا شك دور مهم وكبير، لكنا نتحدث هنا عن ادوار اخرى مهمة ومثمرة، ينحصر وجود دورها المهم في المشاريع العظمى والمرافق الكبيرة التي تتسم بتعدي المنفعة وديمومة المصلحة فيها،
على الرغم من ان البنوك تعد ركيزه اساسية وركنا ثابت في تمويل المشاريع مالياً، بغض النظر عن طبيعة هذا التمويل الذي دون شك لابد ان تكون عوائده مجزية وفوائده حاضرة، غير ان دعوى عدم تقبل المجتمع في ذلك الوقت لمثل هذه المبادرات ذريعة اخرى يستند اليها في هذا الإحتجاب ،
في كثير من المجتمعات المدنية، تتبني البنوك والكيانات الاقتصاديه الكبرى مبادرات مجتمعية خدمية، اسهاما منها في خدمة المجتمع، كنوع من رد الجميل، نظير ماتحققه من عوائد وارباح،
غموض هذا العزوف والإنكماش الصريح امر يثير الدهشة والتساؤلات، لعدم وجود مايبرره، قياساً بما تحققه البنوك من ارباح طائلة تجنيه من العمليات البنكية لعملائها الكرام ، ان المجتمع في نظري في أمس الحاجة الأن الى مثل هذه المبادارات، ولو علي فترات متباعدة،
والي ان يحين ذلك اليوم، سوف يظل مجتمعنا في ترقب وانتظار ولادة مشروع تنموي تتبناه البنوك، تصب فائدته في وعاء الجميع في اطار الامكانيات التي تسع قدرتها وتتيحها الحالة الخاصة بها.
طيلة العقود الماضية لم يرصد اي محاولة تبني بنكية لمشروع او صرح من صروح العلم، جامعة او مدرسة ا و حتي حضانة، ولم يرصد اي محاولة للقيام بمشروع صحي، كبناء مشفى او مستوصفا او حتي عيادة،
هل سنري في قادم ايامنا التى تسارع خطانا مبادرات فعلية لمشاريع كبرى خيرية، اذاماكان ان انفاذ تلك المبادارات مرهونة بتلك الفتوى، فهاهي الفتوى قد تغيرت،
هذا المقال ليس المقال الاول من نوعه في سياق المطالبات الموجه للبنوك من اجل القيام بأدوار خدمية ايجابية فاعله، لكنه تكرار لمابدأه الغير من سنين ، والتكرار يعلم الشطار، يمكن ان نضع بين اموال البنوك التي يربو عددها عن العشرة بنوك مقترحات لمشاريع كثر ان شاءت ذلك، لكنا لا نظن أبدا بأن البنوك في حاجة لمقترحاتنا.
عدنان هوساوي