النجاح في المثابرة، اوعى تيأس، الاستسلام للضعفاء..Never give up، Don't quit
مش صح كدة ؟
في كتابه الشهير (The dip: when to quit & When to stick) سيث جودن كان بيتكلم عن فكرة الاستسلام وإن الناس الناجحة دايمًا بتستسلم، ولكن فقط بيستسلموا عن الأشياء المناسبة في الوقت المناسب.
بس خلينا نقول الأول هو ليه الناس بتستسلم أصلًا؟ وليه نصيحة اوعى تستسلم شائعة كسبب للنجاح؟
في شيء مشترك في أي نشاط أو تحدي جديد بتعمله في حياتك سواء بتتعلم مهارة أو لغة جديدة، بتمارس رياضة جديدة، بدأت مشروع جانبي، بدأت البيزنس بتاعك، إلخ…
لنفترض بتتعلم اللغة الصينية في الأول بتحس الموضوع مثير للاهتمام وشيق وممتع، وسعيد إنك عارف تقول أهلًا وسهلًا، وشكرًا، وكيف حالك بالصيني بعدين شوية بتبدأ تدخل في القواعد النحوية والنظام الصوتي المعقد وتفاصيل اللغة فتلاقي الموضوع بقا صعب وممل وتزهق وبتبذل مجهود ووقت كبير عشان تتعلم فكرة جديدة، نفس الكلام بيحصل في البرمجة..بتبدأ بانبهار إنك عملت أول برنامج ليك بعدين بتلاقي الموضوع صعب ومحتاج تفكير كتير ومش عارف توصل للحل فتزهق وتمل أو تقول مش موهبتي وتستصعب المجال، لو بدأت البيزنس بتاعك فهتلاقي الموضوع شيق وممتع ومنتهى السعادة لما تخلص أول ديل وتجيب أول عميل، ولكن شوية وبتلاقي عدد العملاء مقليل والارباح مش مكفية مصاريفك الأساسية ومش عارف تزود المبيعات ومشاكل بتحصل كل ما تحاول تكبر.
إيه الشيء المشترك هنا ؟ إن التحدي بيكون جميل وسهل في الأول بعدين يبقى صعب وممل ومتعب وهنا أغلب الناس بتقرر تستسلم، من مبدأ "It's not fun anymore"، وخلاص الموضوع مش مثير للاهتمام زي ما كنت فاكر، ولكن الفكرة ان كل أي حاجة هتعملها في حياتك هتمر بالمرحلة الصعبة المملة المرهقة دي، سيث جودن يقول عليها "The dip" أو "المنخفض"، ولكن الخبر الجيد ان لو أنت استمريت في المعافرة والاجتهاد هتعدي مرحلة المنخفض (the dip) وهتلاقي معدل النتايج بيزيد بشكل متسارع جدًا. حاول تتأمل الصورة كدة شوية.
(المنخفض) هو التكلفة أو التمن الي هتدفعه عشان تتحول من مبتدئ لخبير، اللحظة الي بتبقى مش طايق تروح فيها الجيم، هو المشاكل الكتير اللي بتضرب البيزنس بتاعك مرة واحدة في نفس الوقت، هو أول سخرية تتعرض لها على مستوى شغلك وأدائك، هو سلسلة البطولات الي خسرتها بالتوالي، هو لحظة الشك في قدراتك ومواهبك وهل أنا طموحاتي على قدي ولا لاء، المنخفض هو الفترة الي كل الناس (كل الناس) بتفكر تستسلم فيها و(أغلب الناس) بيقرر الاستسلام فعلًا.
ليه أغلب الناس بتستسلم؟ عشان الطبيعة البشرية الغير واعية إننا نبعد عن أي حاجة بتسبب ألم جسدي أو نفسي.
لكن إيه الي بيحصل للناس الي بتعافر وتكمل في البيزنس بتاعها حتى لو كله مشاكل؟ إيه الي بيحصل للي بيروح الجيم كل يوم حتى لو مش قادر؟ بالظبط..نتايج، نجاح، إنجاز، تغيير إيجابي، إتقان، فخر بالذات.
المنخفض قد يكون الفجوة أو الطريق الشاق بين المبتدئ والخبير، أو التمن الي بيدفعه المبتدئ عشان يبقى خبير،
ولكن من منظور تاني فالطريق الشاق دة هو في الأغلب طريق مختصر...ازاي ؟
أنت دخلت تحدي ما، وعارف إنه تحدي صعب وإن فيه منخفض في نص الطريق، 80% من الناس هتشك في نفسها وتستسلم، بس أنت مش هتستسلم عشان أنت عارف إنك هتمر بيه، ومن ثم فالمنافسة قلت ولو عديت المرحلة دي هتبقى من أعلى ال20% في المجال أو التحدي. نقول مثال؟
لو دلوقتي اشتركت في لعبة يناصيب (Lottery game)، قايمة على الحظ المطلق، مفيش أي تحدي أو صعوبة فيها فاحتمالية إنك تكسب ؟ 1 في 14 مليون تقريبًا...بالكاد مستحيل، لكن تخيل لو قولنا ان عشان تكسب لازمًا تحل مسألة رياضية؟ فكدة الصعوبة زادت وعدد كبير من ال14 مليون دول هيقلوا، طب تخيل لو قولنا ان عشان تكسب لازمًا تحل كل يوم مسألة رياضية لمدة 4 شهور؟ فالصعوبة زادت وعدد الناس الي عندهم استعداد يعملوا كدة قليل جدًا، بس عشان أنت واعي لفكرة الاستسلام وعشان أول خطوة لتخطي أي عقبة هي الإدراك والوعي بحتمية مواجهة العقبات وإنها شيء طبيعي
فأنت مش هتستسلم وهتكمل ومن ثم ففرصك في النجاح بتزيد كل ما التحدي يزداد صعوبة.
الكورسات الأونلاين بقت شيء شائع ومنتشر جدًا بين طلبة الجامعات والخريجين والناس الي لسة بتبدأ في مجال جديد، تفتكر قد ايه من الناس دي بيكمل الكورس الآونلاين لآخره؟..10%، 10% بس من الناس عندها صبر تكمل كورس آونلاين للاخر. 90% من الناس معندهاش إرادة تخلص كورس 8 ساعات وهو قاعد على الكمبيوتر بتاعه.
80% من المشروعات والشركات بتقف أو تفشل في خلال 5 سنين من الإنشاء، 20% بس بيكملوا (أكيد آه في عوامل تانية وحظ) ولكن الفكرة وصلتلك.
وجود المنخفض، ووجوده بقوة (مشاكل كتير وصعبة) في مجال ما هيخلق ندرة في المجال، والندرة بتخلق قيمة.
المشاكل والمعاناة والصعوبات في أي عالم تنافسي هتدخله تعتبر ميزة تنافسية ليك، لأن كل ما قدرتك على التحمل زادت، كل ما هتلاقي نفسك تلقائيًا بتتميز عن المنافسة دي، فطريقة تعاملك مع الصعوبات المفروض تختلف، مش بس أنت المفروض تتغلب عليها وتعديها..أنت المفروض تستغلها كفرصة وميزة تنافسية هتميزك عن البقية. فكل ما المجال كان أصعب والمنخفض فيه شاق ومليان مشاكل وعقبات ما كان أحسن لك. اختار التحدي المليان خوازيق.
-لأن للآسف عمر الإنسان محدود للغاية فيستحيل يبقا عنده الوقت ولا الطاقة إنه يجرب كل حاجة عايز يجربها، محتاج تضيق اختياراتك عشان توصل لقمة أي شيء ولو مرة واحدة في حياتك يعني، محتاج تستسلم عن حاجات كتير حتى لو في أصلها شيء كويس.
-أولًا: مبدئيًا كدة قبل ما تقرر تبدأ أي تحدي هات الصورة الي فوق دي قدامك كدة، وفكر هل تقدر تعدي وتنجح في المنخفض دة؟ هل عندك استعداد تتحمل كل العقبات عشان توصل للقمة؟ لو مش هتستحمل متبدأش أصلًا.
-ثانيًا: لو بدأت بالفعل فبرده شوف الصورة وحدد أنت مكانك فين بالتحديد، لو أنت في القاع وخلاص مفيش أسوء من الي أنت فيه، فدة غالبًا وقت سيء لاتخاذ أي قرارات، لأنك هتقرر بعقلك اللاواعي متجنب الألم، مش عقلك الواعي الي مدرك مصلحته على المدى الطويل.
-ثالثًا: لو أنت في المنخفض ومتألم ولكن عقلك الواعي شايف ان الرحلة تستحق، وعندك رغبة قوية للوصول للقمة في آخر الطريق، (the light at the end of the tunnel worth the fight)
فالاستسلم هيكون قرار غبي، عشان 1. هتتنازل عن حلم نفسك فيه وممكن يغير حياتك 2.هتكون ضيعت المجهود الوقت الي فات على الفاضي.
-رابعًا: لو أنت في مرحلة البداية أو مرحلة المنخفض أو حتى مرحلة م بعد المنخفض، وعقلك الواعي شايف ان التحدي أو الرحلة دي لا تستحق، وإنك خلاص مش مهتم توصل لآخر وقمة الطريق، فهنا المفروض تستسلم، ولكن مش هنا هكون ضيعت المجهود والوقت على الفاضي برده؟ سؤال مهم وعظيم جدًا
فيه مغالطة كدة بيسموها الاقتصاديين (Sunk cost fallacy) التكلفة الغرقانة آه :"D
المهم مقصود بيها التكلفة الي يستحيل ترجع تاني، مثلًا لنفترض أنت مدير شركة واشتريت مواد مش هتعرف ترجعها وطلعت فاسدة، أو جبت موظفين ودربتهم 3 شهور بعدين لاقيتهم بيكلفوا الشركة ومش بيدوا قيمة كافية، المفروض تعمل إيه؟
لو رميت المواد أو رفدت الموظفين يبقى كدة ضيعت فلوسك على الفاضي؟ احتمال، ولكن لو استخدمت المواد فهتزود عيلها تكاليف تشغيل وعمالة وبعدين تطلع منتجات فاسدة متتباعش، ولو سبت الموظفين يكملوا عشان صرفت عليهم في التدريب فبعد كدة هتديهم مرتبات وهيبقوا عبئ زيادة على الشركة.
لو أنت اشتريت تذكرة ماتش كورة في يوم، وجيت بعدها قبل معاد الماتش بكام ساعة لاقيت نفسك مش عايز تنزل ولا تشوف حد ومخنوق، بس عايز تتفرج على التلفيزيون في هدوء، فالمفروض تروح الماتش ولا تقعد ؟ أنت كدة كدة صرفت الفلوس ومش هترجع تاني (تكلفة غرقانة)، فلو روحت الماتش عشان متكونش ضيعت فلوس على الفاضي فهتلاقي نفسك اتخنقت واتضايقت اكتر، فأنت كدة بدل ما هتكون ضيعت فلوسك على الفاضي، هتكون سخفت على نفسك وصرفت فلوسك عشان تضايق نفسك.
الخلاصة إنك لو مش عايز تكمل عشان منتصف الطريق صعب وشاق فالمفروض تكمل للآخر، لو مش عايز تكمل عشان آخر الطريق لا يستحق حتى لو سهل وبذلت فيه مجهود كبير فالمفروض تستسلم.