كان فيه دراسة اتعملت على مدى انتظام المرضى في اتباع الأدوية ولاقوا إن من كل 100 شخص مكتوب له دواء معين 30 شخص مش هياخد الدواء أصلًا، وتقريبًا 50% من الناس الي بتاخد الدواء مش منتظمين عليه..
على الجانب الآخر لو الناس دي عندها أي حيوان أليف وتعب فهيوديه لطبيب بيطري وهيدليه العلاج بانتظام وهيهتم بيه أقصى اهتمام، والسؤال ليه؟ ليه ممكن حد عاقل يهتم بصحة الكلب بتاعه وميهتمش بصحة نفسه؟
في النسخة التوراتية من قصة (آدم وحواء)، الشيطان تجسد في صورة حية وأغوى (حواء) عشان تأكل من الشجرة المحرمة وهي شجرة (معرفة الخير والشر)، ولما أكلت منها وقالت لآدم يأكل منها وبعد ما أكل مرة واحدة الاتنين تيقظوا وبقوا واعيين لنفسهم - وبما إن فكرة الخير والشر تكونت في وجدانهم - فأدركوا إنهم عرايا وأحسوا بالخجل من بعض والخزي من نفسهم، ومن ثم فآدم كان خجلان يمشي مع الله واستخبى بين أشجار الجنة عشان الله ميشوفهوش.
في النسخة القرآنية من القصة، إبليس بيغوي حواء وآدم عشان ياكلوا من الشجرة المحرمة والي مش شجرة المعرفة ولكنها كانت رمز لأصل الخبث والمعصية...قبل ما آدم ياكل منها كان عايش في الخير المطلق لأنه معصاش ربنا قبل كدة فمكانش فيه أي إحساس خبيث في إدراكه، ولكن بعد ما أكل من الشجرة دخل في طريق المحرمات وأدرك الإحساس بالذنب لأول مرة (فبدت لهما سوءاتهما)، وهنا ظهرت مقدرته على تمييز الخير من الشر وطلب من ربنا العفو والمغفرة.
الاختلاف الأساسي بين النسخة التوراتية والنسخة القرآنية من القصة إن في نسخة القرآن كان الإدراك تأثيره أكبر وأهم من الشيء في حد ذاته. النسخة التوراتية كانت شايفة إن الشجرة في حد ذاتها هي المحرمة وهي ذاتها الي بتدي قدرة معرفة الخير والشر، في النسخة القرآنية كانت الفكرة هي فكرة المعصية وعد الطاعة ونتيجة عدم الطاعة دي كان العقاب الأولى هو الإحساس بالذنب والعقاب النهائي كان الخروج من الجنة.
المغزى من القصة إن بداية الحياة على الأرض كان سببها ارتكاب خطيئة ما والوعي الذاتي بارتكاب خطيئة (الإحساس بالذنب) وتأنيب الضمير كفعل مصاحب.
عايز أوصل لإيه؟ سؤال جميل. حيث إن قصة بداية الإنسانية هي (ارتكاب الذنب، الوعي والإحساس بالذنب، العقاب على الذنب) فالفكرة متأصلة في الوعي الإنساني. كلنا خطائين، فيه أخطاء بنعملها دون وعي إنها أخطاء وبتأذي شخص ما ودي مش بتأثر على الضمير، ولكن الأخطاء الي مدركينها وإنها ممكن تأذي حد تاني هي الي بتؤذينا احنا كمان (الإحساس بالذنب). الإحساس دة جيد لأنه بيولد شعور تاني (التعاطف) فتلاقي نفسك دايمًا (لو أنت مدرك) بتبص من منظور الشخص التاني وتفكر لو حد عمل معاك سلوك ما أنت هتتضرر وتضايق ولا لاء، وضميرك هيأنبك لو أنت عملت معاه السلوك دة.الوعي بالذات هو الي بيخلينا كائنات أخلاقية.
الناس بتشوف الكلب أو القطة كائن (helpless) مش قادر على معالجة أوالاهتمام بنفسه، ورغم إن الكلاب والقطط كائنات مفترسةوقاتلة ولكن لأنهم معندهومش الوعي أو الإدراك بتصرفاتهم، ومدى أخلاقياتها فبنهتم بيهم عادي، لكن احنا عندنا وعي وإدراك ومشاعر ممكن تتأذي. احنا ممكن نحكم على مدى أخلاقيات شخص تاني لأننا عارفين إنه واعي بتصرفاته، وممكن نحكم عليه بالسجن أو الإعدام لو تمادى في سلوكياته المؤذية، ولو شخص تعرض لأذى ما فهنتعاطف معاه لأننا عندنا الوعي والقدرة على تخيل نفسنا في موقفه، ولكن تقدر تقولي مين أكتر شخص في العالم أنت تقدر تحكم عليه ؟ بالظبط كدة، أنت. لأن أنت أكتر حد واعي بنفسك
فيه أشخاص بتتعاطف مع نفسها إلى حد زائد عن المستوى الصحي، فبيقعوا في فخ الاستحقاق (entitlement)، فتلاقي الواحد شايف إنه يستحق كل الخير، ولازمًا كل حاجة تجيله سهلة، وكل الناس تعامله معاملة خاصة، ولو تمادى في شعوره تجاه نفسه هيقع في فخ الأنانية والغرور وعدم الاهتمام بأي حد غير نفسه.
على الجانب الآخر فيه ناس عكس كدة تماماً، ناس بتدمر نفسها، واعيين لكل التصرفات الغلط الي عملوها و سببت أذى لناس تانية أو أذيتهم هم، شايفين إنهم ميستحقوش أي نوع من الاهتمام والحب، ومش مديين لنفسهم أي قيمة وكل ما يستحقوه هو العقاب..فتلاقي الواحد من دول هو أول شخص يعمل كدة في نفسه فيهمل نفسه ويهمل حياته وجلد ذات بقا، وبسبب وعيه الذاتي الزائد دة فتلاقي ضميره الأخلاقي متيقظ وخايف على مشاعر الناس كلها إلا مشاعره هو، ولو تمادى في إحساسه دة هيقع في فخ إنه شمعة تحترق من أجل الآخرين، ويأذي نفسه (مش مجرد تضحية) عشان يرضي الي حوليه..ولو هو مسؤول عن ناس تانية (أولاده، شريك حياته، إلخ) فتلاقيه متحفظ و (Protective) لحد كبير ويخاف عليهم من أي شيء، وحياته هو في الأصل مش منظمة وعشوائية ومش مهتم يحسنها...بجانب إن الشخص دة بيضر نفسه فهو على المدى الطويل كمان بيضر الناس الي مسؤول عنهم لأنهم لو أولاده مثلًا فهيكون بيعملهم كل حاجة ومش سايبلهم مساحة هم يعافروا ويجربوا ويغلطوا ويتعلموا من غلطهم فيطلعوا عكسه تمامًا (فرافير عندهم درجة عالية من الاستحقاق).
أضف على دة إن لو أنت شمعة تحترق من أجل الآخرين، وعاملت أي شخص بأسلوب كويس حتى لو بيجي عليك وظالمك ومؤذي فأنت بتديله تصريح تام إنه يلا كمل الي أنت بتعمله دة..أنت هتكون بتأذي نفسك وفي نفس الوقت بتخلي الناس المؤذية أكثر أذية. النوعية دي من الناس هم الي مش بياخدوا الدواء بانتظام بس بيتابعوا علاج حيواناتهم الأليفة بأقصى اهتمام ولا كأنهم ممرضات.
طب والحل ؟
إنك تعامل نفسك ويكأنك شخص آخر أنت مسؤول عنه (عامل نفسك زي ما بتعامل الكلب بتاعك يا أخي :"D)، مش لازمًا تطبطب على نفسك في كل حاجة يعني، ولكن معاملة مسؤولة يعني، لو هتربي أولادك كويس فأفضل طريقة لإبعادهم عن الأذى هي إنك تخليهم أقوياء ويستحملوا مش إنك تحميهم وتبعدهم عنها..فعامل نفسك كأنك أب لنفسك، أو كأنك قائد لفريق (هو أنت بجوانبك المتعددة).
طب ازاي؟
تعلم قيادة الذات في تلات خطوات بدون معلم
الوعي الذاتي Self-awareness
أول خطوة هي قد تكون واضحة أوي ولكن هي إنك تراقب نفسك، وتبقى واعي ومدرك لتصرفاتك وأفعالك خصوصًا الي بتعملها بشكل مستمر، هي خطوة بسيطة وواضحة ولكن مش سهلة مطلقًا، الهدف هنا مش إنك تعرف الي أنت عارفه وكل الناس عارفينه ولكن الهدف إنك تعرف الجوانب المختلفة الغير واضحة من شخصيتك وعقليتك، وعاداتك وسلوكياتك، على سبيل الanalogy...إنك لو بتطبق الفكرة دي على جسمك مش شخصيتك فمش هتكتب لون عينك (too obvious) ولكن هتكتب فصيلة دمك، أو النسبة بين وزنك وطولك وهكذا..
معلومات مش واضحة آوي ومحتاجة شيء من البحث والتفكير عشان تعرفها...فاكتب في ورقة كدة أنت بتعبر عن غضبك ازاي، ايه الي معطلك في حياتك، ايه نقاط ضعفك، ايه التصرفات الي بتؤذيك سواء منك أو من غيرك، إيه العادات الي عايز تتخلص منها، إلخ...
التفكر Self-reflection
بعد ما عرفت أو بقيت واعي لأهم الصفات والعادات والتصرفات المميزة لشخصيتك (character attributes)
هنا أنت بتحاول تفكر فيها بشكل منطقي وتحليلي وتشوف هو أنت بتعمل كدة ليه؟ هل هي نزعة بيولوجية عند كل الناس فمن ثم هتتقبل نفسك أكتر، ولا بسبب عقدة نفسية من أشخاص مؤذية فهتحاول تبعد عنهم قدر الإمكان أو تكتشف طريقة للتعامل معاهم.
التنظيم self-regulation
لو أنت أب أو أم فطبيعي جدًا تجبر أولادك إنهم يغسلوا أسنانهم كل يوم ويذاكروا أول بأول. لو حد من أهلك عنده مرض ما فهتجبره على الدواء وتمنعه عن الأكلات أو المشروبات الممنوعة.
التنظيم والإجبار والتقنين والتقييد مش دايمًا شيء سيء، ولكن مهم تكون تنظيمك وتقنينك يكون صحي ومستديم ولأجل هدف يستحق يعني مش سخافة وخلاص. ولأن عقاب ابنك عشان مغسلش نفسه هيكون مختلف تمامًا عن لو تنمر على حد فالمفروض التقنين بالثواب والعقاب يكون مختلف على حسب السلوك
فالمفروض أنت بعد ما عرفت ايه الي بيفيدك وايه الي بيضرك من عادات وسلوكيات فبتحط لنفسك نظام أو قوانين تثيبك على القرارات الصائبة وتعاقبك (عقاب منطقي) على القرارات الخاطئة.
قيادة الذات (Self-Leadership)
هذه التدوينة كتبت باستخدام اكتب
منصة تدوين عربية تعتد مبدأ
البساطة
في التصميم و التدوين