"ذلك الشاب النبيل الذي قاسَمَني وقاسمْتهُ عمرَ الطفولة وشراع السنديان.. ذلك الطفل، عرفَ كيف يحُل لغزَ الأرض وطلاسمَ الماء، كنتُ أتعلمُ لغةَ الكتابةِ وقواعد النحو، حينما كان يتعلم لغةَ النهر والصخر والسُنبُلة..
كنتُ أمتطي المعجم، حين كان يمتطي الريح والعواصف، كنت أكتشفُ الأسئلة حين كان يعيش الأجوبة، كان يظن أني الجزء الذي لم يَكُنه، والآن.. أعرفُ أنه الجزء الذي لم أكنه! 
هناك.. في مكانٍ ما أجهلُه وتعرفُه النجوم، يرقدُ أخي حسن.
يلبَسُ جلدَ الأرض التي أحبها، ويستعيرُ منها نبضَهُ الجديد، أنا هنا أبحث عن الوطن الضائع في موالِ شعبي، وهو هناك يكتشفُ الأرضَ فيه، على عينيهِ ينمو عُشبُها وزعترُها، ومن جُرحهِ تتفتح شقائقُ النُعمان وعروق الشَومر البريّ، هناك هو.. تكتبه الأرض وتعيدُ كتابتهُ في كل فصلٍ من فصولِها، وأنا.. أنا الذي سرقتُ منه الكتابة والمدرسة والمَحبرة، أنا هنا أبحث عن الكلمة التي تصفه، أستعير جلدَه لأكتبَ عليه شعري فيه، ولأشعرَ ببعض الرضا، لعلي أتابع حياتي من جديد.
حسن.. أيها الشابُ النبيل الذي ظلمناه وأنصفتهُ الأرض!"