حيث إن عندي امتحان رياضيات (تفاضل وتكامل) بعد يومين فذهبت في جلسة تأمل كدة عن المعادلة التفاضلية والتكاملية للحياة. 

لازمًا تطور نفسك عشان تنجح، لازمًا تتميز، Average is over، خليك مختلف عن باقي الناس، خد ريسك واطلع برا منطقة الراحة.، إلخ.  كل دي رسايل مفادها فكرة واحدة وهي إنك لازما تميز نفسك عن الي حوليك لازمًا ت"Differentiate yourself"،  لازمًا تكون الأعلى درجات، الأكثر ثروة، الأعلى منصبًا عشان تحقق السعادة والنجاح.
في الخطاب الرأسمالي الي بيتدرس في مناهج البيزنس والتسويق هتلاقي فيه حديث مستمر عن ال"Differentiation"، عن الميزة التنافسية "Competitive Advantage"، عن ازاي نبان أفضل من كل حد وأي حد
ولكن اتضح إن في واقع الأمر  وبشكل مفاجئ طبعًا إن لما تختلف عن الناس وتميز نفسك عنهم ودة يبقى فكرة راسخة في عقلك الواعي واللاواعي ومن ثم؟ فبتفقد جزء كبير من قدرتك على التواصل مع الناس، مش بتقدر تفهم مشاكلهم ولا اهتماماتهم. للآسف اهتمامات أغلب الناس سواء في العالم العربي أو الغرب تافهة وأغلب نقاشات العامة خالية من التحفيز الفكري. فكر في ناس زي إيلون ماسك وستيف جوبز وعدد من القادة المشهورين معروفين بقدراتهم الضعيفة أو دون المتوسطة في التواصل مع الآخرين ودايمًا علاقاتهم الشخصية بتفشل أو بتكون متذبذبة ونادرًا ما حد يقدر يستحملهم بالكلية. 

فيه دراسة كان عملها عالم النفس (Dean Simonton)ع عن مرشحي الرئاسة في أمريكا واكتشف إن المرشحين الأكثر ذكائًا في الأغلب مبيكسبوش الانتخابات، ليه؟ لأن الناس مش بتستوعب كلامهم بسهولة، المرشح ذو القدرات الذهنية المتوسطة سهل يتكلم مع الناس ويفهموا هو بيقول إيه. دونالد ترامب أوضح مثال. 

على الجانب الآخر هنلاقي مهارة التكامل (integration - To be integrated with society) هتخليك قادر على التواصل مع الناس وفاهم لغتهم ومدرك لمشاكل المجتمع واحتياجاته. ولو فيه مدرسة رأسمالية خطابها التسويقي هو التمايز والميزة التنافسية فهنلاقي فيه مدارس جديدة جددت الخطاب وحولته للتسويق بالتعليم وإفادة الجمهور واحترامه وبناء مجتمع (Community) من العملاء والعملاء المحتملين علاقته وطيدة بالشركة أو المؤسسة، فبينما الخطاب الأول تفاضلي فالأخير تكاملي. 

تنفيذ المعادلة التفاضلية هتخليك تكسب مسابقة وتاخد مركز أول هتخليك تكسب المنافسين وظاهر بين الناس، تنفيذ المعادلة التكاملية للحياة هتخليك تكسب ثقة الناس والي ممكن منها تكسب فلوس أو شهرة أو  أو...

بالتأكيد لو أنت متكامل كليًا مع مجتمعك ومعندكش أي نسبة من التفاضل والاختلاف هتبقى شبههم بالظبط وعندك نفس المشكلات ومش هتقدر تساهم في حلها، ولو أنت مميز ومختلف عن كل الناس وأذكى واحد فيهم بدون فهم لطبيعة الناس الي عايش معاهم مش هتقدر تستغل ذكائك في شيء مفيد لأن مفيش ناس هتهتم بذكائك واختلافك ما دام أنت مش فاهمهم ومش عارف تفيدهم. فالصعوبة ازاي توازن بين دة وبين دة، ازاي تبقى بتقرأ كتب كتير وفي نفس الوقت عارف الtrends الي بتشغل المجتمع في كل فترة، ازاي توازن بين تنفيذ الشغل بدقة وجودة أكبر من المتوقع عشان تترقى وفي نفس الوقت تهزر وتكون علاقات اجتماعية مع زمايلك عشان تعرف تديرهم لما تترقى.

لو شوفنا أكثر الأعمال الأدبية تأثيرًا في الحضارة الإنسانية هنلاقي بينهم نمط مشترك ألا وهي إنهم كانوا مكتوبين بأسلوب فريد ولغة مميزة وقصة محبوكة ولكن في نفس الوقت شديدة الصلة بما يعانيه أي مجتمع إنساني، فكر في رواية زي 1984 جورج أورويل على المستوى العالمي، بالرغم من إن الرواية بقالها اكتر من 71 سنة إلا إنها لاتزال بتوصف نظام للحياة فيه دول كتير بتعيشه، مثال آخر ولكنه مش عمل أدبي وهو كتاب "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد"، الكتاب عبقري للغاية وفريد من نوعه ولكن فردانيته بتكمن في إن عمر الكتاب 120 سنة ولكنه برده لايزال صالح لوصف وتفسير ظواهر استبداد بيعيشها دول كتير من العالم العربي إلى الآن. 
فأكثر الأعمال عظمة يعني هي الي فيها التفرد والتميز ولكنها مؤثرة في نفوس الناس والمجتمع باختلاف الجغرافيا والتاريخ. بس السؤال الأهم ازاي أنت توازن بين التفاضل والتكامل؟