احنا ممكن نقول إن أكثر الأشياء إبهارًا وإدهاشًا في الحياة هي الحاجات المتطرفة (Extreme)، دايمًا بننبهر بأغنى رجل في العالم، أقوى رجل في العالم، أذكى طفل في العالم، إلخ.  ولكن في كتير من الأوقات الأشياء المبهرة مش بتكون المتطرفة ولكن فيها شيء من التركيب وأحيانًا المفارقة. المقصود بالتركيب هو توافر أكتر من عامل(بقدر متوسط) بالتوازي أفضل من عامل واحد متطرف. مثلًا فتاة الأحلام المثالية مش أجمل واحدة في العالم ولكن التركيبة المناسبة من الجمال والذكاء واللطافة وما إلى ذلك، الحياة السعيدة أو المثيرة للاهتمام مش حياة أغنى مستثمر في العالم (حياته هتشوفها مملة الحقيقة)، ولكن الحياة المركبة بين الثروة والصحة والعائلة والمعنى وما إلى ذلك وما أقصده بالمفارقة هو التناقض أكتر الأشخاص عصبية أكثرهم حساسية، أكتر الأشخاص ثراءً هم أكتر أشخاص اجتهادًا ، أهم أشياء في الحياة هي أكثرها بساطة. الجسم بيمرض لما يبذل مجهود زائد عن الحد ولكنه بيمرض لو ارتاح بشكل زائد عن الحد، الصحة تكمن في المجهود والحركة، والسعادة تكمن في المعافرة، والراحة تكمن في البساطة. الطموح بيمثل بالنسبة لي مفارقة غريبة ومعقدة جدًا لأنه مليئة بالتناقضات.

ممكن نعتبر الطموح إنه رغبة قوية في تحقيق الإنجازات والنجاح، ولكن هو مش كل الناس نفسها تنجح؟ 
هل الشخص الطموح مجرد ما يميزه إن الstandards بتاعته أعلى من المتوسط؟ معتقدش.

المفارقة الأولى : الطموح ماهية وليس كمية
إنه مش بطموحك قد ايه ولكن ماهيته إيه. أعتقد إن الطموح دايمًا مرتبط برغبة في تحقيق شيء خارج عن المألوف أو خارج عن حد الممكن مقارنةً بالبيئة الي اتربى فيها الشخص دة مش شرط خالص يكون أعلى من المتوسط ولكن المهم إنه يكون خارج عن المألوف. لو مثلًا ابن نجيب ساويرس هدفه الرئيسي إنه يبقى من أغنى 10 أشخاص في العالم فدة الحقيقة مش شخص طموح، هو بيحلم في الإطار الي اتربى وعاش فيه وأبوه اتربى وعاش فيه ومن ثم مهما بلغت ثروته فمش هيكون حقق إنجاز. لو ابن نجيب ساويرس هدفه ياخد جايزة نوبل في الفيزيا فساعتها هيكون شخصية طموحة جدًا. لو عايز تبقى رئيس الشركة الي شغال فيها، أو تطلع الأول على الدفعة، أو يبقى عندك مليون متابع، أو عايز توصل لأعلى درجة في الوسط الي بتشتغل فيه مش مؤشر إنك طموح، دة أنت بس بتسعى لجذب الانتباه..حاجة زي الAttention whore كدة يعني.
ال(Attention whore (Status Seeker هو شخص مهتم فقط بالطموحات الزائفة وبيسعى لمرتبة/مقام/مكانة (Status) تقييمها قايم على حكم اجتماعي سطحي زي (الفلوس، المستوى الوظيفي، الكلية، الجامعة، عدد المتابعين، الشقة والعربية واللبس، إلخ..). لكن الطموح الحقيقي مش قايم على المرتبة أو الstatus أو أي شيء كمي (quantitative)، ولكن قايم على جوهر الهدف نفسه وفحواه (Substance). هدف زائف هو إنك تبقا عايز تطلع من أوائل الكلية، هدف طموح حقيقي إنك تبقى متقن المهارات والمفاهيم الي بتدرسها. 
"Seek substance not status"

المفارقة التانية: انعدام ثقة أم اعتزاز بالنفس؟

الأشخاص الطموحة في الأغلب طموحهم بيتكون من الطفولةالمبكرة، وبالرغم إن مفيش سبب وحيد واضح لتواجد الطموح في شخص ما وعدم تواجده عند شخص تاني إلا إن فيه عوامل كتير بتساهم في تكوينه، قد يكون مقارنة الأباء بين ابنهم وزميله في الدراسة أو أخ تاني (ابن خالتك عمل كذا..)، قد يكون من تهميش الأباء للابن وعدم تقديره فبالتالي بيتكون رغبة عند الطفل إنه عايز يبقا ليه أهمية وسط الناس، و قد يكون العكس الأب ربى ابنه على الثقة بالنفس وترسخ في شخصيته إنه لازمًا يكسب ويبقى الأفضل، وقد يكون وقد يكون..
لكن العامل (المركب) والي فيه شيء من المفارقة الي هتلاقيه جذر أساسي ومسبب هام للطموح هو إن الشخص بيبقا عنده نزعة خوف إنه يكون لا يستحق، لا يستحق الحب، لا يستحق الحياة، لا يستحق الانتماء بيبقى عنده سخط على نفسه إنه مش كفاية لنفسه ولا كفاية للي حوليه ودة ممكن تشوفه ظاهر آوي في شخصيات ناجحة كانت أبناء بالتبني زي ستيف جوبز (مؤسس آبل)، و جيف بيزوس (مؤسس آمازون)، ولكن في نفس الوقت بيبقى عنده ثقة وإيجو (ego) إنه يقدر يحقق إنجاز كبير خارج عن الممكن كمهرب من خوفه. الطموح هو المزيج بين إحساسك بالخوف والقلق والفشل ونقاط الضعف (insecurities) وعدم الانتماء بسبب ضغطك على نفسك أو بسبب ضغط بيئتك عليك، وبين القناعة والثقة بالنفس الخفية بقدرتك على التغلب على كل دة عن طريق تحقيق إنجاز وهدف كبير  يخليك فخور بنفسك أولًا ويخلي الناس تنبهر بيك حاليًا، دي من وجهة نظري أساس طموح أي شخص قلة وربما انعدام ثقة في مستوى أدائك وموهبتك الحاليين ولكن ثقة عمياء في قدرتك على التغلب على دة.

المفارقة التالتة: الآمان في المخاطرة
بما إن جزء كبير من الطموح قايم على (insecurities) عندك اتكونت بسبب البيئة المحيطة أو/و جلد الذات
ولكن عندك قناعة بإنك تقدر تتغلب عليها، فبتتغلب عليها ازاي ؟ بإنك تخرج برا نطاق الراحة، وتحط أهداف كبيرة عشان لما تحققها تتغلب على نقاط ضعفك ، بس أنت عارف إن غالبًا الأهداف دي صعبة آوي عليك واحتمال إنك تحققها قليل، فأنت في الوقت الي بتعاني فيه من مشاكل ثقة بنفسك وبقدراتك قررت تخلي نفسك vulnerable أكتر وتزود احتمالية وقوعك في فشل أكبر ومن ثم مستوى ثقتك بنفسك هينهار أكتر. وأكتر.. لما تبدأ تشتغل على الأهداف الكبيرة دي بتلاقي مرة وحدة معدل المخاوف والقلق والتوتر تضاعف.
شوفت عملت في نفسك إيه؟. أنت كنت عايز تقضي على الinsecurities والself-doubt قومت ضاعفتهم !!!

لو حطيت أهداف نسبة توصلك ليها 100%، يستحيل تفشل فيها ومش هتخوفك فأنت مش هتمر بزيادة في القلق والتوتر والشك عن العادي، لكن أنت عارف وأنا عارف إن الأهداف دي هتكون أهداف عادية جدًا بل ضعيفة، ومن ثم فلما تحققها هتلاقي نفسك مش سعيد ولا فخور بالي انت عملته ومن ثم فأنت محليتش المشاكل الخاصة بيك. وهنا تكمن المفارقة..إن حالة التأكد من المستقبل غالبًا مش مفيدة لأن أنت يعتبر معملتش حاجة، أنت وصلت لحاجة كدة كدة كانت هتحصل، عشان كدة ممكن ناس كتير من أبناء الطبقات العليا مش بيلاقوا شغف في مجال الأعمال والبيزنس، ولكن الاعتزاز والفخر بالذات والإحساس (الداخلي) بالإنجاز والتميز بيتولد من التغلب على لحظات الشك وعدم التأكد (uncertainty) هي الي بتضيف لأي شيء معنى، أنت عمرك ما هترضى عن نفسك إلا لما تكون حققت حاجة المفروض تخاف منها، حاجة كانت نسبة وصولك ليها قليلة، حاجة غالبًا هتفشل فيها وهتأثر عليك بالسلب، حاجة خارج إطار الممكن.

ليه المفروض تسيب الطريق السهل الآمان وتمشي في الطريق الصعب الخطر؟ ليه الطريق الصعب يستحق المجهود المعاناة والقلق والخوف والتوتر؟ لأن الطريق السهل عمره ما هيغيرك مهما عملت أو وصلت، ولكن الطرق الصعبة هتغيرك للأحسن سواء وصلت أو موصلتش، مكافآة الطرق الصعبة تكمن في خوضها مش مكسبها. لأنك حتى لو خسرت وفشلت والإنسيكيوريتيز زادت فبرده هتكون اتغيرت للأحسن هتبقى أقوى وعندك القدرة على المعافرة مرة كمان. " The hardest way is always the easiest way"