فيه فخ بيقع فيه كتير من الشباب ذوي الذكاء والطموح والاجتهاد هنسميه "فخ التخصص- specialization trap"
شوف أي لاعب رياضي آوليمبي أو بطل عالم في أي رياضة جمباز، سباحة، جودو، إلخ هتلاقي عامل مشترك بينهم - عوامل كتير الحقيقة - ولكن أحد أهم العوامل دي هي إنهم بادئين من سن صغير جدًا، عشان المهارات الجسدية(بتتحسن لحد سن معين بعدين تقل) مش زي المهارات الذهنية (بتتحسن مدى الحياة). لعيبة الجمباز ممكن تبدأ من سن 4 سنين وبتدريبات مكثفة جدًا وانضباط مش عند رجال أعمال، فطبيعي الولد بعد سنين قليلة تلاقي أدائه بقا رهيب، فتلاقيه بقا مليونير وهو عنده 19 سنة وأنت تقول ازاي يا ابني أنت جامد كدة؟ أنت لسة عيل.. لكن الحقيقة إن يعتبر عنده 15 سنة خبرة في مجاله تحت تدريب ومراقبة مستمرة وانضباط وتركيز في حاجة واحدة بس. التركيز والانضباط هم اللعبة للوصول للأداء المتميز دة. لو عايز تبقى أحسن جراح في العالم محتاج تركز في الجراحة التخصصية 20 سنة وممكن اكتر، لو عايز تبقى عالم مميز أو ناجح في حياتك المهنية لازمًا تركز في تخصصك ومجالك وتبقى أحسن واحد فيه. ليه دة فخ؟ لأنك ممكن تبقى فعلًا من أحسن 1% في مجال التصميم أو المحاسبة أو أيا كان، لكن ضيق الأفق ومعندكش فهم أو استيعاب لأي شيء برا نطاق تخصصك
مش فاهم الاقتصاد ومن ثم فأي أزمة احتمال تحصل مش هتعرف هتأثر عليك ازاي، مش فاهم التكنولوجي فمش هتقدر تستغل تقنيات كتير كان ممكن تسهل عليك شغلك، مش فاهم علم النفس فمش قادر تستوعب ليه الناس بتتصرف التصرفات دي وبتفكر بالطريقة دي، مش فاهم فلسفة فمش هتقدر تكون نظرة سليمة مستقلة عن الحياة والمعرفة والأخلاق ومن ثم هتفضل تفكر بشكل تابع وهتمشي ورا أفكار ناس تانية منتشرة في الثقافة الدارجة وقد تكون أفكار سامة أو مغلوطة وأنت مش واخد بالك وهكذا..
على الجانب الآخر فيه فخ تاني بيقع فيه نوع تاني من الناس من ذوي الذكاء والاجتهاد والطموح برده وهو "فخ المثقف - Intellectual trap". تخيل معايا واحد ذكي جدًا عنده نهم للمعرفةـ عايز يعرف ايه الي حصل في التاريخ كله، الاقتصاد العالمي شغال ازاي، موازين القوى الدولية، ثقافات الدول الأخرى، سيكولوجية الأفراد والجماهير، أثر الفنون على الإنسان، ايه طبيعة الكون، ايه هو الدين الصحيح، الجينات والتطور وسر الحياة، إلخ..
فينط من هنا لهنا، ويكون معرفة واسعة ولكن سطحية، فتلاقيه مستوعب لأفكار ومفاهيم مختلفة ومهمة جدًا لمجالات مختلفة، ويكون وجهة نظر خاصة بيه عن طبيعة العالم ويطرح آليات للتغيير كمان، ولكن معندوش أي مهارة عملية تخليه يطبق أفكاره دي، أحيانًا بيبقى الشخص مدرك دة وعايز فعلًا يركز في مهارة أو مجال واحد ولكن مش قادر يتخلى عن اهتماماته المعرفية والفكرية الآخرى.
النوع الأول يمثله شخص عملي، براجماتي (Pragmatic) وهو أكثر نجاحًا على المستوى العملي حيث البراجماتية هي الاهتمام بالنتائج النهائية، النوع التاني يمثله شخص مثالي (idealist)، وهو مثقف واعي مدرك لمشاكل العالم وطبيعة الإنسانية. في حالات التطرف هنلاقي الأول ناجح مغيب، التاني مثقف فاشل. بس أنهي أحسن ؟
الإجابة الصحيحة في الأغلب بتكون الإجابة المركبة مش الإجابة الوسطية، الحل هو نوع من المثالية العملية (pragmatic idealism). بمعنى إنك ازاي تطور فكرك الخاص المستقل بالمعرفة المتنوعة عن الإنسانية والحياة والعالم والطبيعة مضيفًا عليه منظورك الأخلاقي وتحوله لآيدولوجية أو مدرسة فكرية جديدة فيها ما هو عليه العالم الآن وما ينبغي عليه أن يكون..وتحدد الفجوة بين دة ودة وتشوف أنت ممكن تساهم بإيه وفي أي منصة وبأي وسيلة حتى لو بقدر ضئيل. وتترجم المعرفة والفكر والآيدولوجية دي لقواعد تنفيذية تقدر تحققها. "Converting your thoughts to rules of operation".
لعمليتين بيحصلوا بالتوازي.. بتحاول تغير عالم أفكارك من خلال المعرفة والتفكر والأخلاقيات ولكن في نفس الوقت بتحول الأفكار الجديدة لواقع ملموس عن طريق مهاراتك وتنفيذك.
مثقفون لكن فاشلون، ناجحون لكن مغيبون
هذه التدوينة كتبت باستخدام اكتب
منصة تدوين عربية تعتد مبدأ
البساطة
في التصميم و التدوين