في عامي الثالث والعشرون, تعيد النفس ترتيب كل اﻷحلام, الطموحات ,اﻷولويات والعلاقات. ولا أدري لما في عامي هذا بالخصوص.
استشعر أن هذا التغير الروحي متعلق أكثر بسكون الحياة لما اعتدت التغيير. فقد تخرجت منذ عام, استقر عملي, استقرت حياتي بما فيها من مخاطر وتحديات. ولكن لا جديد بشكل مفاجئ في الخطة بشكل يغذي شخصيتي التي طلما أدمنت تذوق التغيير.
فكأن روحي تحاول أن تخلق هذا التغير.
عندنا كنت طفلة صغيرة, لم أحب القراءة ولم أكن قارئة. أحببت أن اسمع القصص من الراوي, ولكن أن كان علي قرأتها بنفسي, فلم أرى متعة ولا فائدة في هذا. ولم أحب حتى مجلات القصص المصورة للاطفال كمجلة ميكي, التي كان يدمنها أخواتي.
وعلى العموم, كان هذا شيء متوقع ﻷهلي, حيث لم أكن جيدة دراسيا أيضا. لست ممن يستمتع بالنظر في الكتب ولا المذاكرة ولا الكتابة. ارسم وألعب فقط ومشاهدة القصص, ويكون الفيلم أو الكرتون مثل الراوي, اللذي طالما احببته.
ولكن يشاء الله أن يتغير كل هذا, ولا أدري كيف. أبغض الله لقلبي التلفاز واﻹعلام واتجهت إلى اﻷهتمام بأن يكون لي وعي ويقظة في كل أوقاتي في سن 16 بشكل مفاجئ. وبشكل أو بأخر اتضح لي في هذا السن أن لا صلاح لي إلا بالقراءة. ولا أعلم من أين أتيت بهذا الفكر بشكل مفاجئ, ولكن أحمد الله على هذا التغيير.
عندها قررت أن أقرأ, ولكني لم أعرف ماذا أقرأ. بحثت في مكتبة البيت, ووجدت كتاب يجمع الاحاديث القدسية. فقرأت أكثر من 700 صفحة منه وكنت أكتب أحاديثي المفضلة منه ولا اتذكر لما تركته قبل اﻷنتهاء. كانت فرصة رائعة لمعرفة الكثير من اﻷحاديث, كنت اتمنى أن يوجد شرح بعضها ولكن كان الكتاب مرجع للأحاديث فقط.
ثم قررت الذهاب إلى معرض الكتاب وشراء أي كتاب أحسه سيساعدني. توجهي كان ديني بحت ولكن سطحي. حيث لم أكن قد قرأت من قبل ﻷحد أبدا فلا أعرف كيف أن كل الكتب وأن لم تكن شرعية هي كتب دين. وعلى العموم اشتريت الكثير من الكتب التي غلافها يدل على أنها جميلة أو عنوانها. معظمها صغيرة.
معظم البدايات كانت كتب ﻹبراهيم الفقي و اتذكر الكتاب اﻷخضر كما كنت أسميه, كتاب أفكار صغيرة لحياة كبيرة. كتب أشبه بالمدونات الخفيفة اليوم. إلا أن هذه الكتب ساعدتني كثيرة هنالك في نظرتي لنفسي.
فمازلت أتذكر إبراهيم الفقي عندما نوه أن بعض الناس يستيقظون ليبكوا على فوات العمر أو الضجر في الاستيقاظ مبكرا أو أي شيء سلبي, بينما أخرون..يقولوا صباح الخير!. وإذا حزنت في الصباح ﻷي سبب كالشعور باﻷرهاق, قلة النوم أو أي شيء, اتذكر كلمته فانسى ما بي. في الصباح, يجب أن يكون المرء سعيدا. فمنذ الحين..أصبحت من عادتي أن ابتسم حين استيقظ, وحيث كنت استيقظ فجرا..فأنظر في المرآة..لأقول صباح الخير لنفسي. لم ألاحظ عادتي هذه أبدا عبر اﻷعوام. حتى سافرت في أول هذا العام وكنت في غرفة الفندق مع صديقة لي, وهي من لاحظت. وسألت مستنكرة, على من تصبحين وأنا نائمة؟..فرردت بلا تردد, نفسي.
ليس جنونا, ولكني تعلمت منهم كيف أقرر من أنا ومن سأكون وكيف أكلم ذاتي. على أي حال. كنت استمتع بسطحية هذه الكتب واستفيد منها كبداية.
في خلال هذا كنت اتابع نصائح طارق السويدان, كان ملهما لي في هذا السن وكان يدعو دائما للفكر ولا فكر بلا قراءة.
ثم في معرض كتاب أخر, اشتريت كتاب السيرة النبوية لمحمود المصري. وكان هذا ناقلة في قرائتي لسبب مضحك. حينما قرائته لم يعجبني تركيب الكاتب. كان ينقل من مقاطعه من كتب أخرى ..فلا تستشعر حلاوة كتابته, لم أستطع أن أكمله ومن هنا ﻷول مرة استشعرت معنى أن يكون المرء كاتبا. فلم يعد الكتاب فقط يجمع مقتبسات على أحاديث أو أيات, أنما هو روح للكاتب.