لم يقم العرب ببناء كيانهم على اسس سليمة خاصة وقد توفرت لهم كافة السبل لتحقيق ذلك, العلوم بمختلف مجالاتها لم تعد حكرا على احد,الموارد الطبيعية متوفرة وبكثرة,بل هناك فائض يجري استثماره خارج الوطن يعود بنفع بسيط,يستغله العجم في تكوين مجتمعاتهم.بينما شبابنا يعاني البطالة ونقوم باستيراد معظم حاجياتنا من الخارج لنصبح مجرد سوق استهلاكية لمنتجاتهم وتذهب اموالا هدرا ننفقها فيما لا يعني.

بلايين الدولارات لشراء مختلف انواع الاسلحة والعتاد,ليس لتحرير مقدساتنا المغتصبة او الدفاع عن المظلومين في العالم,بل لأجل الاقتتال فيما بيننا,تجردنا من القيم الانسانية,نفعل بأنفسنا ما لم يفعل الغير بنا,نقتل بعضنا ولا نحسن القتل,نستخدم ابشع الاصناف لإزهاق ارواحنا وإذلال انفسنا وتهجيراخوتنا وتدمير الممتلكات العامة والخاصة,ونتباهى بأفعالنا الخسيسة على الفضائيات ومختلف وسائط التواصل الاجتماعي,ليشاهدها القاصي والداني من العجم,فيمعنون في احتقارنا وازدرائنا,وتزداد الهوة اتساعا فيما بيننا,تتراكم العداوة والبغضاء داخل صدورنا,لم تعد تجمعنا العروبة فالدم لم يعد عربيا,ربما اصبحنا مهجنين يتلاعب الغرب بجيناتنا كما الحيوانات او البذور الزراعية,افكارنا ملوثة,ضربنا بتعاليم الاسلام عرض الحائط,صرنا مجرد كائنات اجرامية تمشي على الارض,لقمة سائغة في يد اعدائنا,معاول هدم,دمى يحركها الاعداء عن قرب او عن بعد لا يهم,فالنتيجة اننا اصبحنا في الحضيض,ساحة صراعات للدول الاقليمية نحن وقودها,لم تعد لنا هيبة,كافة الدول صغيرها وكبيرها تستبيح ارضنا وأجواءنا وبحارنا, اضحينا بلهاء,يمتطون ظهورنا,يستحيون نساءنا فتحولن من حرائر الى سبايا,يذبحون ابناءنا, ينعمون بخيراتنا بينما نحن لم نعد قادرين على كسب قوت يومنا.

العراق لم يعد دولة بل مجموعة كانتونات عرقية ومذهبية وطائفية تدار من الخارج,لم يعد ارض السواد,دجلة والفرات لم تعد انهارا بل اودية تسيل في بعض الاوقات بفعل السدود عند منابعنا التي اقامها العثمانيون غير مكترثين بنصيب(حقوق) دول المصب من المياه,فالحقوق في حاجة الى قوة لنيلها والمحافظة عليها,يصدر الاتراك المياه عذبة للعصابات المغتصبة لفلسطين وكأني باردوغان ومن معه يشجعون الصهاينة على البقاء,ليقضموا مزيدا من الارض وإقامة المستوطنات,هذه تصرفات بنوا عثمان الاجرامية الذين حاولوا ايهامنا على مدى عقود بأنهم حماة الديار والمقدسات الاسلامية.

العثمانيون لم يكتفوا بضم لواء الاسكندرونه السوري الى ارضهم,بل يسعون جاهدين الى اقامة شريط حدودي منزوع السلاح يقدمونه هدية لعملائهم من مختلف الاجناس التي تشارك وعلى مدى عقد من الزمن في تدمير سوريا وقتل وتشريد ابنائها,ومع الوقت تسعى الى ضم الشريط الحدودي لها.

الحال في ليبيا لم يختلف كثيرا عنه في سوريا,فالسيد اردوغان يصر على حقه في مستعمراته السابقة(معظم البلاد العربية),اجداد اردوغان هم من سلموا ليبيا لايطاليا,لقد ضحى الليبيون بأكثر من نصف عددهم لإخراج المستعمر الايطالي,تحدث اردوغان وفي محاولة لإحداث فتنة عرقية بالبلد الى وجود حوالي مليون نسمة من اصول تركية,متناسيا ان من يعيشون على التراب الليبي على مر العصور رغم اختلاف اعراقهم يجمعهم الانتماء الى الارض التي آوتهم, وأنهم فيما سبق لم يتعرضوا الى الاضطهاد بسبب انتماءاتهم العرقية,جمعتهم العربية ثقافة والدين الاسلامي انتماءا ومصيرا,فعاشوا جميعا اخوة متحابين,لهم مصير واحد جمعهم في السراء والضراء. وان جلب المرتزقة من سوريا لن يزيد الليبيين إلا تمسكا بالنهج الذي يسيرون عليه بعد ان ادركوا حجم المؤامرة التي تحاك بحقهم,فالموت اشرف من حياة الذل والمهانة ولن يسمحوا بان يدنس تراب الوطن مجموعة من الرعاع وشذاذ الافاق.

يسعى السيد اردوغان الى جر بعض الدول العربية للدخول في حلف او اصطفاف يهدف من خلاله الى احداث فتنة بين العرب,متبعا في ذلك سياسة فرق تسد لينعم بخيرات العرب والتحكم في مصيرهم وجعلهم تبعا له,انه مهووس بعظمة السلطة وإحياء امجاد بني عثمان الذين يذكر التاريخ بأنهم عمدوا الى ارتكاب ابشع الجرائم بحق رعاياهم,فابتدعوا الخوازيق التي لم تخطر على رأي بشر,ومن خلال معاصرتنا لتصرفات احفاد الاتراك فإننا لا نستغرب منهم ذلك لا نقول عنهم بأنهم ارذل اصناف البشر بل لا يمتون الى البشرية بصلة.

وبعد هل يستفيق العرب من سباتهم العميق؟,فكأنما ضربت عليهم الذلة والمسكنة,ويسعون جاهدين الى لم صفوفهم وتسخير كافة امكانياتهم لبناء وطنهم المنشود اسوة بالآخرين,لم تعد الامور تحتمل,فإما العيش بكرامة فوق الارض وتحت الشمس,وإما الانبطاح الكامل للآخرين ليفعلوا بنا ما يشاءون,وكلنا امل في ان هناك فتية يؤمنون بحق الامة في العيش بكرامة,ربما يحتاج الامر الى مزيد من التضحيات,ولكننا ندرك بان انتزاع الحقوق لم يعد بالتمني بل بما نملك من رباطة جأش وقوة وهي جد متوفرة,فما ضاع حق وراءه مطالب وعلى البغاة ستدور الدوائر وسينكفئون على اعقابهم خاسئين.