أي بُني  أُعيذُك بالله، من كسوف القلب، وتيه الدرب، وكرب الذنب، والبعد بعد القرب 

أعيذُك بالله أن تأتي مواسم الطاعات وأوقات الإجابات فلا عملٍ ولا أملٍ، فالجمادات أفقه منك، والدواب أذكى منك.. 

أُعيذُك بالله أن تكون ثغرًا يدخل منه العدو، أو تكون سكّينًا في قلب الأمة يدخل منه الملوثات، والشهوات، والشبهات، فتسمي وتصبح عدادًا للذنوب، عملًا جاري بالعيوب.. 

أُعيذُك بالله أن تكون جسرًا يُوصّل ولا يصل، أعيذك بالله أن تمطر ولا ينبت غرسك، أن ينزل الغيث ولا يربو قلبك، أن ينفلت عمرك، وتضيع أنفاسك وأوقاتك في غير الله، أُعيذُك  بالله أن يقرضك الله عمرًا فتبدده في معاركٍ هامشية، وتوافه لا تليق بك، فتكون جاهل العلم، ضعيف الهدف، أسيف الحال... 

أُعيذُك  بالله أن تكون صفرًا على اليسار إلي جانب أمتك، أعيذك بالله من القهر، وضيق الصدر، وحلول الأمر، والعسر بعد اليسر، ونشر الذنب والضر،

أُعيذُك بالله أن تنصح وأنت أبعد ما يكون عن النُصح، أن تعلم ولا تعمل، أن تظن أنك على شىء وأنت لاشئ.. 

أُعيذُك  بالله من أن تضل الطريق وتحسب أن عملك هو الحسن، وأنت تركب مركب الفتن،  تائه فلا أرضٌ تثبتُ لها ولا وطن.. 

أُعيذُك  بالله من ألا تسير بالله علىٰ وجل، ويغرك الأمل، ويأتيك الأجل، ويكون خطبك جلل.. 

أُعيذُك  بالله من حلول الدنيا فإنها إن حَلت أوحلت، وإن جلت أوجلت، وإن دخلت القلب أبواب الجنة قد أوصدت، وكل ما نزل لك إهانات لا كرامات

ولئلا ينكسف قلبك، ويربو عملك عليك بالتوبة والإنابة، والسير في دار الاختبار بما أنزل الله والاستمساك بالله فإن عزٌ لايضام، وعملٌ  لايرام،  وأحسن الغرس، وطهر النفس،  ولا تركن إلى الدهر وإن لان وسر، وأعلم أن الموت لاقيك، فالزم عتبة العبودية، وأعلم أن أنفاسَكَ معدودة، ودقات القلب غالية، وما العمر إلا ثواني معدودات..