Image title

د. علي بانافع

     من شأن الملحدين والطبائعيين واللادينيين أن يفرغوا كل الظواهر الطبيعية من معانيها الدلالية على القدرة الإلهية الجبارة، ويفسروها بتفسير مادي منزوع عنه كل موحيات الإيمان ولكن ليس من حق المؤمنين أن ينساقوا وراء هؤلاء العميان فيقلدونهم حذو القذة بالقذة ويقعوا في مهاوي البلادة المادية وربما الكفر والعياذ بالله، وكون الخسوف والكسوف من الظواهر الطبيعية لا ينافي كونها آية من آيات الله يخوف الله بها عباده ويوقظهم من الغفلة رحمة بهم ليلتزموا الطاعة والاستقامة، ولئلا يركنوا إلى الدنيا وينسوا الاخرة!!

   فينبغي للمؤمن أن ينسب الخلق للخالق ويضفي على تفسيره صبغة الإيمان واليقين فيقول حصل هذا بفضل الله ورحمته أو بحكمته وقدرته ثم يأتي بالتفسير العلمي المطابق للإيمان، الطبائعيون ينسبون كل شيء من حركات الكون إلى الطبيعة وهي الإله البديل عن الله تعالى، فالطبيعة بزعمهم تتمتع بالتخطيط وفق علم دقيق لا يحتمل الخطأ ولا بنسبة واحد بالمليون كما تتمتع بالقدرة الجبارة التي تذهل العقول، هذا الإله ارتضى الطبائعيون لعنادهم واهوائهم أن يسموه الطبيعة، وكان بامكانهم لو اهتدوا أن يسموه باسمه الذي ارتضاه لنفسه سبحانه وهو (الله العظيم)، الذي لا حد لعظمته، والتقدير الذي لا حد لقدرته، والعليم الذي وسع كل شيء علما ورحمة، وهذه الظواهر الكونية والآيات البينات الربانية، أسبابها العلمية والإيمانية مترابطة لا انفكاك بينها، فالتخويف والتحذير من الوقوع في المعاصي وجريان الحدث وفق القوانين الكونية والنواميس الربانية كلاهما مترابطان متزامنان بقدرة الله تعالى.

     الخسوف والكسوف الذي يحدث في السماء هو من الظواهر الكونية ومحسوب فلكيا، لكنه آية من آيات الله يُذكر البشر بقوته وعظمته سبحانه ففي البخاري [1041] ومسلم [911] -واللفظ له- عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ ، وَإِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَصَلُّوا وَادْعُوا اللَّهَ حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ). وروى البخاري [1059] ومسلم [912] عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: خَسَفَتْ الشَّمْسُ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزِعًا يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ، فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى بِأَطْوَلِ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ رَأَيْتُهُ قَطُّ يَفْعَلُهُ، وَقَالَ: (هَذِهِ الْآيَاتُ الَّتِي يُرْسِلُ اللَّهُ لَا تَكُونُ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ وَلَكِنْ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِا عِبَادَهُ؛ فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ). 

     وما يحدث غدا بأمر الله تعالى من كسوف للشمس قد أغاظ كثيرا من الماديين الملحدين، حينما يرون الناس يصلون ويرددون الاستغفار والتوبة ويذكرون الله تعالى، يحسبون أنهم  استطاعوا تغيير عقائد المسلمين بغوغائيتهم وصخبهم ولغوهم المادي الإلحادي، وإذا بهم يتفاجأون بالحقيقة وهي أننا مسلمون وأن حالات الانحراف التي تظهر حالات مؤقتة وهي كالقشرة التي تتساقط بمجرد تعرضها لهزة إيمانية من ربهم الغفور الرحيم.

     لذا تتقدم ثانوية ابن حزم بينبع الصناعية إدارة ومعلمين وطلابا بجزيل الشكر وعظيم التقدير للهيئة الملكية بينبع ممثلة في إدارة التعليم العام، على تأخير حضور الطلاب وبالتالي الاختبارات بسبب آية الكسوف، وتقوية لشعورهم الديني ليؤدوا الصلاة مع جموع المصلين، وعليه سيكون الحضور غداً الساعة 8:30 وبداية الاختبار الساعة 9:00 فجزاهم الله خيرا على هذا الاهتمام وعلى هذه الرعاية وعلى هذه العناية، وكتب الله الأجر والثواب للجميع.