لازالتُ أُفكر.. كفتاةٍ كيفية الإصلاح...

وطرأت على ذهني فكرة، وهي تفتيت المشكلة إلي أجزاء صغيرة فكما أن أصغر جزءٍ في جسد الإنسان نواة الخلية إن عطبت أصاب الجسد المرض، وكما أن في الجسد الواحد مضغة إن فسدت فسد البدن.. 

لكي يتم إصلاح المجتمعات علينا تفتيته، فأصغر جزء في تلك الأمة ذلك الطفل، وأصغر وحدة هي الأسرة هي قلب الأمة فالعدو استهدف الاثنين في مقتل.. مما أدى للخلل الظاهر.. 

فنحن الآن نواجه حصاراً، فالمناهج التعليمية وضعت بدقة لكي يتم تشديد ذلك الحصار

فأظهر لدينا جيلًا يعاني من فقر اللغة العربية، وأظهر ذلك فقرًا واضحًا في تعلم العلوم الشرعية، وأصبحت الحرب بدلًا من أن تكون حاربًا خارجية إلي حروب داخلية.. 

وأصبح الخطر من داخل الأسرة.. أشد من الخطر خارجها

فتجد الأسرة نفسها هي التي تشربت بالفكر الغربي والمصطلحات الكفرية البحته، وأصبح من الطبيعي مكوث الشاب والفتاة بين الأفلام والمسلسلات التي تهاجم الثوابت الكبرى في العفاف وتدعو إلى أحط درجات الرذيلة والسفاح والسفور ، وقراءته لتلك المنشورات المختلفة على صفحات تويتر والفيسبوك تلك التي تهاجم الركائز الكبرى في الإيمان وتنشر الإلحاد والشبهات وتثير الغرائز والشهوات ، ومع تلك الألعاب والمقاطع المرئية على اليوتيوب والسناب والتي تنفث سموم المادية والتمرد وتهاجم العادات والتقاليد الحسنة وتعلق القلوب والأعين بالرفاهيات والملذات وتزيّف لهم القدوات 

لا يبالي بها الآباء والأمهات، فالأب عمل العدو الخارجي على تحويله إلي أداة لصك العملات، وإرهاق ذهنه بالمتطلبات اليومية، والأم عمدوا على جعلها جاهلةً تدار كزر التلفاز، 

فظهرت لنا شخصيات من الأمهات ضيعفة العلم تتبع كل ناعق 

بل وأحيانًا نجدها تأمر الأم ابنتها بالتجرد من الحياء لتزويجها 

وظهرت لنا أمهات ضعيفة الشخصية تعلم الحق بفطرتها لكنها تركت أبنائها فظهروا لنا بتربية التلفاز والفكر الغربي

ونجد أمهات تعلمت في المدارس الأجنبية فخرجت علينا بفكرها وأرضعته لابنهائها وهي الأشرس على الأمة..  فلدينا أمًا ظلوم، وأبناءاً تربوا على اللبن المغشوش.. 

فمالحل؟ 

وقد وصل العدو إلى حصوننا الأولى وما زلنا نناوشهم من وراء الأسوار ونقاتلهم من خلفها.

ولستُ أُنكر وجود ثلّة من الدعاة والمربين والمعلمين على حراسة الأسوار ودعوة الناس للبقاء خلفها والاحتماء بها من رياح الشبهات والشهوات... ولكن علينا أن نبقى جميعًا عند تلك الأسوار نذود عنها، لأنه السهام كثرت، والعدو ماكر، و كل فرد له دوره، 

إذًا علينا أن نسير بقطاع عرضي لا طولي ولا فردي

أعني لكي تؤتي سبل الإصلاح ثمارها، 

إن من أهم ما يجب علينا في هذه المرحلة هو التركيز على الشباب والفتيات من الأبناء والإخوة والأقارب ، وتقوية تماسكهم وترابطهم فيما بينهم ، وتوجيه الطاقات والجهود نحوهم، والعناية بهم..  

ويظهر ذلك مع نوبات الشدة، وتجلي الظلم... 

 يظهر الظلم، فيدرك الظالم سهولة تفكيك المؤسسات الدعوية والمراكز التربوية والتعليمية وتبليس إبليس.. 

خاصة أن تلك المنشآت قابلة للهدم والترميم والتطوير والبناء من جديد.. وبمجرد هدم تلك المنشآت، ببساطة يستأسد العدو على الجهلاء وعلى فقراء العلم وأولهم تلك الأسر الصغيرة

فالمُشكلة هاهنا الانشغال فالدعاة منشعلون بالدعوة، عن الأسرة

والمربيين منشغلون بالنصح عن النواه الأولى 

ومن هنا تأتي الهزائم .. وتفقد كل المكاسب لماذا لأن النواة نفسها لم يصلح حالها بعد... 

ولا أقول أن دور العلماء يقتصر منزليًا... مَعاذ الله.. بالتأكيد التوجه المجتمعي مكاسبه عظيم وسريعة وهي أرباح مهمة جداً وضرورية ولاشك.. ولكنني أتحدث عن الإصلاح المزدوج 

فعلى الدعاة دعوة أهل البيت واصلاحهم كجزء من اصلاح المجتمع.. 

وعلى المربيين أن يعودوا لمحاضن النواة الأسرة إصلاح الأسرة واجبهم

فلانجد معلمًا واقفًا لطلابه إلا بالنصح في حياتهم المنزلية والمعاملات الوالدية قبل أداء الواجبات المدرسية

أيها السادة ، عودوا إلى حصونكم الأولى ، شيّدوا قلاعها ، أحكموا بناءها ، شددوا في حراستها ، رمموا ما تهدّم منها ، وإن

أغلقت كل المؤسسات الدعوية والتعليمة والتربوية وتم إيقافها، "الأسرة" وحدها غير قابلة للمنع والإيقاف وإغلاق الأبواب، إنها المشروع الأكثر أهمية والأقل عناية منا في هذا الوقت، عودوا إليها وانطلقوا للمشاريع التربوية والدعوية منها ولا تفرطوا في أيّ منها.

والله لئن صلحت النواة، لما تمّكن ظالمًا، وما علا فاجرًا، ولا قدر علينا عدوًا

أقول قولي هذا وأُذكر نفسي وإياكم بقول الله تعالي

"قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ"

 ملحوظة: هذا مجرد سرد وعرض من وجهة نظري، فإن أخطأت فمن جهلي، 

وإن قصرت فالكمال لله وحده وما أبرئ نفسي