للحظة ذرفت العين، تنهال أمام أعيني كثيراً من الصور،
ومضات من حياته النبي، وماكانت ديار الأحبة أمكنة بل أزمنة،
 لم أراك تصلي في محراب، أو أبايعك، أو أذهب إليك أسألك مسألةً، 
لكنني أرى وجهك في كل صفحة مصحف، وأتخيلك في كل حديث، وسيرة_ أتدري يا رحمة العالمين_، وودت لو كنت تراب يلامس قدميك الشريفتين، وددت لو كنت تلك الناقة التي تسمع صوتك وأنت تتلو القرآن، وددت لو كنت أي شيء فقط ترضاه أنت
يا رسول الله!
سرت على عهدٍ، بالإلتزام بالخلق القويم لأكون الأقرب منك يوم العرض... 
فقد روى أحمد عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ ) فَسَكَتَ الْقَوْمُ ، فَأَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ الْقَوْمُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ الله ، قَالَ: ( أَحْسَنُكُمْ خُلُقًا ) .
وصححه الألباني في " صحيح الترغيب "
فكم من مرة عاهدتك وملت،  وكم من مرة قلت لن أضعف وضعفت، وكم من مرة قلت لن أمل ومللت... وكم من مرة قلت لن أغضب وغضبت... 
أحاول بعرجتي السير وإن تكسرت، رغم نقصني أحببتك، رغم الثقوب، رغم العيوب، وتخبطي في الدروب، وضعفي المرير، وسقوطي المتكرر، لكني سعيت للكمال، فوضعت قدمي على خطاك، وسرتُ بين الخلق أحاول أن أتشبه بهداك، 
لا أعلم كيف هي لحظات اللقاء الأولى بيننا، لكن إن كتب لي ربي القبول، سيرتجف قلبي بشدة، سيحاول أن يسبق قلبي خطاي
يحاول أن يشق الصفوف، ويزاحم الألوف، ويصرخ بشدة يا رسول الله ها نحن الذين آمنا بك دون أن نراك، ها نحن الذين صدّقناك وصدَقناك، ها نحن الذين تجرعنا غصص الغربة دونك، 
ها نحن الذين سرنا بين الخلق غرباء، نحنُ الذين آذنا الخلق وظلمونا وكسرونا، وما رددنا عليهم بظلم بل تجاوزنا لأجل تلك اللحظة... 
يا رسول الله الحوض الذي رويتنا به لظمأ البدن، والجلوس معك لظمأ الروح
يارسول الله نحن الذين تجرعنا الوهن والأسى بعدك، مسافرون في دنيانا، غرباء في أهلنا، خائفون في بيوتنا، تائهون في أوطاننا، فرادى في مجتمعتنا، 
لم يكن لنا طبيب سوى كتاب الله وسنتك، بكينا طويلاً 
بكينا سرًا وجهرًا، وماكان بكاؤنا سوى مخافة أن نحرم صحبتك، 
سأفجر كل ينبيع الشوق، وكل سطر في الحب سيُبهت أمام بريق حُبي... 
اليوم تنتهي آهات الشوق، اليوم تَخلص الغربة، اليوم ينتهي الألم، اليوم تنطفئ جمرة القلب المشتعلة وهو قابض على دينه، اليوم نتنفس الصعداء، ولا أحدٌ يؤذينا بكلمة، ولا تسقط من كلمات الخلق عبرة، ذلك اليوم الذي نسير مع الرسول معه 
ونحدثه ويُحدثنا على كثيب المسك بحديثٍ ينظر له الرحمن
لا ظلم هناك، ولا غربة، ولا وحشة، فقط دار السعادة، دار الحسنى وزيادة.. 
فاللهم جمّلنا بحسن الخُلق، وازرقنا السير على سُنة نبيك، والشوق إلىٰ لقائك غير ضراء مُضرة ولا فتنةٍ مُضلة