يأجوج ومأجوج ليسوا من علامات الساعة
قبل الدخول فى الموضوع أقول إن فكرة المقال مستوحاة من مقال للكاتب خالد الوهيبى
ورد ذكر يأجوج ومأجوج فى المصحف فى موضعين :
الأول قوله تعالى :
"قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون فى الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا قال ما مكنى فيه ربى خير فأعينونى بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما آتونى زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتونى أفرغ عليه قطرا فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا قال هذا رحمة من ربى فإذا جاء وعد ربى جعله دكاء وكان وعد ربى حقا وتركنا بعضهم يومئذ يموج فى بعض ونفخ فى الصور وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا الذين كانت أعينهم فى غطاء عن ذكرى وكانوا لا يستطيعون سمعا "
الثانى قوله تعالى :
"حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق فإذا هى شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا فى غفلة من هذا بل كنا ظالمين"
الآيات هنا ليس فيها أى دليل على أن يأجوج ومأجوج من علامات الساعة فنهاية القصة فى الآيات الأولى جاءت بهدم السد وخروج القوم ثم ذكر خلقهما النفخ فى الصور والسياق أساسا محذوف فلا علاقة للقصة بما ورد فى نصف الآية الأخير وهو النفخ فى الصور مثلها مثل آيات عدة قى المصحف مثل :
قوله تعالى ""فى الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء لأعنتكم إن الله عزيز حكيم" فلا علاقة لقوله " فى الدنيا والآخرة" ببقية الآية" ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء لأعنتكم إن الله عزيز حكيم"
وكذلك الأمر فى الآيتين" حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون"
فينسلون آية بمفردها منقطعة عما بعدها وهو الآية" واقترب الوعد الحق فإذا هى شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا فى غفلة من هذا بل كنا ظالمين"
واقتراب الوعد لا يعنى القيامة فقط يعنى الموت كما قال تعالى :
"اقترب للناس حسابهم وهم فى غفلة معرضون" فالناس وهم من فى عهد الرسول(ص) ماتوا ومع هذا رغم مدة لا يعلمها إلا الله فى ظننا ألف ونصف تقريبا لم تقم القيامة
والأدلة الأخرى هى :
أن يأجوج ومأجوج كانوا كفار سماهم الناس مفسدون فى الأرض ووافقهم النبى ذو القرنين(ص) على ذلك فأقام لهم السد وفى هذا قال تعالى :
"قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون فى الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا قال ما مكنى فيه ربى خير فأعينونى بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما"
وأى كفار عاشوا قبل عهد النبى(ص) أهلكهم الله بعذاب من عنده كما قال :
"ما أمنت من قبلهم من قرية أهلكناهم أفهم يؤمنون"
وقال تعالى :
"وما أهلكنا من قرية إلا ولها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين"
وقال تعالى:
"ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم فى الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجرى من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا أخرين"
وقال تعالى:
"وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون"
وقال تعالى:
"وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك فى الكتاب مسطورا"
إذا فقد هلكت يأجوج ومأجوج لكفرهم بعد انهيار السد كما قال تعالى :
وكان وعد ربى حقا وتركنا بعضهم يومئذ يموج فى بعض"
وهلاك أى قوم يكون فى عصر رسولهم أى نبيهم ويعيش هو بعدهم إن لم يكن قتل كبعض رسل بنى إسرائيل(ص) ومن ثم فقد هلكوا فى عصر ذو القرنين(ص) طبقا لنجاة الرسل(ص) فى قوله تعالى:
"فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إنى معكم من المنتظرين ثم ننجى رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين"
وأما عودتهم قبل يوم القيامة فمستحيلة لأن الله قرر ألا يعيد أى قوم للحياة قبل يوم القيامة فقال :
"وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون"
وقال أيضا:
"ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون"
ومن ثم لا يمكن أن تكون يأجوج ومأجوج أحياء حتى الآن تحت السد أو بجانبه وأمر أخر وهو أن السد يعنى أن سور حاجز فى الأرض وليس سجن يعيشون فيه فهو جدار عازل لمنع هجمات القوم الذين كانوا يقتلون ويأسرون ويهتكون الأعراض وما شاكل ذلك مما يسمونه بالحرب الوحشية
والروايات فى كتب الحديث عن كونهم من اشراط الساعة تناقضها روايات أخرى مثل :
2537 حدثنا محمد بن رافع وعبد بن حميد قال محمد بن رافع حدثنا وقال عبد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري أخبرني سالم بن عبد الله وأبو بكر بن سليمان أن عبد الله بن عمر قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته فلما سلم قام فقال أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد قال ابن عمر فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك فيما يتحدثون من هذه الأحاديث عن مائة سنة وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن حدثني عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي أخبرنا أبو اليمان أخبرنا شعيب ورواه الليث عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر كلاهما عن الزهري بإسناد معمر كمثل حديثه"صحيح مسلم
ومن ثم لو افترضنا أنهم كانوا أحياء فى عصر الرسول(ص) فقد ماتوا منذ اليوم الذى قيل فيه الحديث ومن ثم فهم طبقا لذلك لن يعودوا للحياة كما فى قوله تعالى :
"وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون"
يأجوج ومأجوج ليسوا من علامات الساعة
هذه التدوينة كتبت باستخدام اكتب
منصة تدوين عربية تعتد مبدأ
البساطة
في التصميم و التدوين