10 كانون الأول 2019 | 10:08
أخبار لبنان
إنّ التوتر والبلبلة اللذين يسودان الأجواء السياسيّة اللبنانيّة حول تأليف الحكومة وشكلها مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأحداث والمستجدات التي تدور حول لبنان عربيّاً وإقليميّاً.
فالمعضلة الحقيقية وراء رفض جهة سياسية تنفيذ مطالب الثورة بتأليف حكومة تكنوقراط سببها بالدرجة الأولى المخاوف الإقليميّة والمحليّة على مصير النفوذ الإيراني في لبنان ممثَّلاً بحزب الله وسلاحه. فما إن بدأت الثورة تنضج في العراق ولبنان وتطال شعاراتها كافة المحرمات والممنوعات حتّى أطل علينا المرشد الإيراني علي خامنئي في تصريح له منقول عن وكالة "تسنيم" الإيرانية في ٣٠ أكتوبر ٢٠١٩ وصف فيه الثورتين العراقية واللبنانية بأنهما "أعمال الشغب وانعدام الأمن"، وحمّل أميركا وإسرائيل مسؤولية ما يجري، واصفًا الحركات الاحتجاجية بالمؤامرة والتخريب. وقال في تصريحه: "للناس مطالب أيضاً، وهي محقّة، لكن عليهم أن يعلموا أنّ مطالبهم إنّما تتحقّق حصراً ضمن الأطر والهيكليات القانونية لبلدهم. ومتى انهارت الهيكلية القانونية، يستحيل القيام بأي عمل، فعندما يسود الفراغ في أي بلد يستحيل القيام بأي خطوة إيجابية أيضاً".
وبعد يوم واحد على الموقف الإيراني، وفي إطلالة للسيد حسن نصرالله في ١ نوفمبر ٢٠١٩ في الاحتفال التأبيني لآية الله السيد جعفر مرتضى العاملي، صرّح بأن "الذين وضعوا أهداف إسقاط العهد وإسقاط المجلس وإسقاط الحكومة، ماذا يعني هذا؟ يعني إسقاط مؤسسات الدولة وبالتالي الذهاب إلى الفوضى والفراغ"، بحسب موقع المنار الإلكتروني.
ما يؤكد لنا إذاً أنّ تمسّك إيران وحزب الله بالعهد وبالرئيس سعد الحريري، والمحاولات الدائمة لاستنساخ حكومة جديدة مُقنّعة بسابقتها بشكل أو بآخر، هو نتيجة مخاوف إيران وحزب الله مما قد تُنتجه حكومة تكنوقراط مستقلة من نتائج قد تكون مجهولة بالنسبة لهم أو لا ترعى مصالحهم وغير مفصّلة على قياسهم، خاصّة في ما يتعلق بموقف هكذا حكومة من علاقة لبنان بالعالم العربي ومدى انفتاحه على الإدارة الأميركية في ما يتعلّق بمسألة العقوبات الأميركيّة على الحزب. إضافة إلى مخاوفه من مدى إمكانيّة الإبقاء عل تنسيقات حزب الله على ما هي عليه مع وزارتي الدّفاع والدّاخلية، باعتبارهما المعنيتين مباشرة بالحدود والأمن.
فعلى عكس ما يقول البعض بأنّ طبيعة الاعتراض على حكومة تكنوقراط هي طبيعة معنوية كي لا تنكسر شوكة حزب الله أمام جمهوره، فإنّ طبيعة الاعتراض هي سياسيّة محض، تأتي في سياق التخوف من اختلال الموازين الحاليّة في لبنان وارتداداتها على النفوذ الإيراني، على غرار ما فعلته ثورة العراق.
بالتالي، وعلى الرغم من الأوضاع الاقتصاديّة والمعيشية المزرية التي يمر بها اللبنانيون، إنّ الاستمرار في عرقلة مطلب الثورة الأولي، يأتي نتيجة فوبيا حزب الله على مصير الوزارات الحسّاسة التي قد تُعرقل قدرته على إدارة شؤونه وتنفيذ أجندته، وقد عكس كلام السيّد حسن نصرالله في خطابه في ٢٥ أكتوبر ٢٠١٩ الذي صرّح فيه "أنّ حزب الله قادر على دفع الرّواتب ولو أفلست خزينة الدّولة"، تقديمَ الحزب مصلحته العليا على المصلحة الوطنيّة الاقتصاديّة والماليّة والمعيشية، وعدم اكتراث الحلف الشيعي- الشيعي- الشيعي-العوني لعامل الوقت.
سينتيا الفليطي / Cynthia Alfliti