وهو ميل الانسان لاعطاء انتباه اكثر لاشياء معينة بالتزامن مع تجاهل الاشياء الاخرى. مثال, حينما تشعر بالجوع, فانك تبدأ بملاحظة الصور على شكل انواع من الاطعمة ويصبح خيالك خصب حول الطعام  وانواعه ويصبح الطعام هاجس لديك.وهذا ما يحدث للانسان على مستوى الافكار والمعتقد والمذهب, وكلما كان الانسان اكثر تشبعا او تطرفا  بافكار معينة كلما كان تحيزه بما يؤمن به اكثر تركيزا ومع هذا التركيز يفقد الموضوعية في الكثير من نقاط القوة في الافكار والمواقف الاخرى التي دائما يتجاهلها او لا يعطيها الاهتمام الموازي نتيجة تحيزاته المعرفية المنتقاه او المتعمدة.

مثال ذلك, ان يكون انتباهك يتمركز فقط حول الاشياء التي تهمك او تشغل تفكيرك, فقد تجلس تستمع لمحاضرة علمية قيمة لكن في حالة انك انسان مؤدلج رياضي او ديني او حزبي سياسي فان تحيزاتك ستفرض عليك طريقة تقييم المحاضرة  بشكل خاص وقد لن تتذكر الا اليسير من الافكار والقضايا العلمية المطروحة على شكل خطوط عريضة, تتفق او تتعارض مع ما تؤمن به والتي من خلالها يكون قوة تأثير تحيزك على مجمل تصوراتك وتقييمك للمحاضرة ولن يخلو المحاضر من تقييمك الشخصي ..؟!

مثال اخر يوضح كيف ان  التحيز الانتباهي  قد يشغلك ويشتت تفكيرك حول ما سمعته من شخص كان يتحدث في مناسبة كنت حاضرا فيها, وذكر بعض الامور التي ترى انها جذبت انتباهك كونها تتوافق مع ما لديك من تحيزات. ثم قابلت صديق لك لاحقا او في مناسبة اخرى وتحدثت معه عن ما قال هذا الشخص وموقفه مما قال الخ  وحينما اراد  صديقك التأكد من مصداقية ما تدعي ذهب وسأل صديق ثالث لكما  كان حاضرا المناسبة وسمع كلام المتحدث, لكنه تفاجىء ان صديقه  لم يسمع مع ذكرته له أي انه ينفي ان المتحدث قد تطرق لما قلت انت..هنا  صديقك سيحتار في ايهما يقول الحقيقة..والواقع ان كلاكما صادق فيما نقل او روى, فالاول تذكر بعض ما قيل من الامور التي تهمه او تتفق او تتنافى مع ميوله وتحيزاته,ولذا كان تركيزة موجه حول هذه الاشكاليات, وفي نفس السياق فان صديقك الاخر كان اهتمامه موجه لأشياء اخرى  وحتما ستكون مختلفة كليا عما يشغل بالك انت, ولذا لم يتذكر ما اردت ان تتأكد منه لان الحديث ببساطة لم يكن يهمه فيدخل في دائرة اهتمامه وتركيز وعيه..؟!

الانسان دائما يتذكر المعلومات على شكل خطوط عريضة وتعمل الذاكرة بكامل قوتها حينما تكون المعلومة متناسقة مع تحيزاتنا او متعارضة, اما المعلومات البينية التي لا تثير اهتمامنا او تحيزاتنا فان ذاكرتنا تهملها وتكون في عداد المنسي من المعلومات في الغالب,,مع العلم انه حتى المعلومات البينية التي تثير اهتمامنا لن تستعيد منها  ذاكرتنا الا اليسير من الخطوط العريضة فيها اذا ما صيغت بلغة رفيهة - فلسفية او ادبية او علمية - تخالف المعتاد من اساليب لغتنا اليومية..

سالم موسى القحطاني