فَفِروا إلي اللَّهِ
وما يكون الفرار من إلا مما نخاف ونكره إلي ما نحب ونسكن..
والفرار إلي الله فرارٌ آمن، من بيت الغُربة والوحشة إلي آنيس المنفردين، وقرة أعين المحبين، وزاد المتقين!
فمن هاجر إلي كنف الله، آواه اللهُ إلي رحمته، وكفاه في هجرته مؤونته،
فهذه الدُنيا دار من لا دارَ له، والهجرة هجرةُ القلبِ وإن مكثَ القلبُ هنا،تعلق بأستار رحمته، ورحل إلي ربه فهو غايته
فالقلب حاله الترحال، خُلِقَت له الدنيا وهو ابنُ الآخرة، يجاهد يومًا ليستقيم دومًا،
وإن سُجن الجسد في الدنيا، تسيرُ النفس بفقرلله، وتتكأ في فرارها على الله، وتعلم أن إلى الله مستقرها ومستودعها،
فتخفي الدمع وتُسبله لله، وتعلم أن ماتخفيه سراً عند الله علانيه
فتفر إلي كهف الله في كل فتنة، وتلوذ به في كل محنة،
وما الروح التي بين جانبيك التي تتوهم أنك تعلمها، يقول عنها مولاك،
"وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا"
أنت لاتعلم ماهية روحك، ولا روح من حولك، فاستعن بالله وقف بباب الرجاء، فِر إليه، فراراً، وأرفع كفيك في كل ليلة مراراً، وهذبها وإلجاء لله في سرورك وحزنك، وغناك وفقرك،
الله العظيم بيديه فوق سؤلك، وجميع أمرك وأمر كل الخلائق
ومتى ما آلمك عدمُ إقبال الناس عليك، فارجع إلى علم الله فيك..عُد إلى خبيئةٍ كتمتها وسريرةٍ هذّبتها وغايةٍ سِرت إليها،
ولا تبالي إن كنت معه، الله الذي خلق درب سيحفظك، وسيرسل لك من يشد أزرك، ويقوي ظهرك، ويحفط قلبك
يا رب آتِنا مِن لدُنك رحمة، وهيئ للقلب غايته،
وأعطنا فوق مايريد، وقنا الخوف يوم المزيد