نبذة عن المؤلف:
ولد العقاد في أسوان في 28 يونيو 1889, وحصل على الشهادة الابتدائية في الرابعة عشر من عمره, و لم يكمل تعليمه بعدها. اشتغل بوظائف كثيرة في المديريات ومصلحة التلغراف و مصلحة سكة الحديد و ديوان الأوقاف و استقال منها واحدة بعد واحدة . أسس بالتعاون مع ابراهيم المازني وعبد الرحمن شكري مدرسة الديوان , وكانت هذه المدرسة من أنصار التجديد في الشعر والخروج به عن القالب التقليدي العتيق. كانت حياته سلسلة من المعارك الفكرية والأدبية والسياسية. اشتهر بمعاركهِ الأدبية والفكرية مع الشاعر أحمد شوقي، والدكتور طه حسين، والدكتور زكي مبارك، والأديب مصطفى صادق الرافعي، والدكتور العراقي مصطفى جواد، والدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ)، كما اختلف مع زميل مدرسته الشعرية الشاعر عبد الرحمن شكري، وأصدر كتابا من تأليفهِ مع المازني بعنوان الديوان هاجم فيهِ أمير الشعراء أحمد شوقي، وأرسى فيه قواعد مدرسته الخاصة بالشعر. توفي في 12 مارس عام 1964.
من أقواله الشهيرة: "لست أهوى القراءة لأكتب، ولا أهوى القراءة لأزداد عمراً في تقدير الحساب .. و إنما أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة، وحياة واحدة لا تكفيني".
من نصائحه للشباب: "فكر في واجبك كما تفكر في حقك, واعمل طلبا للإتقان لا طلبا للشهرة والجزاء, ولا تنتظر من الناس اكثر مما يحق للناس ان ينتظروه منك".
هل وقعت ضحية التزييف عندما أوهموا العالم بأنهم أصل كل شئ؟ أنهم اخترعوا الأرقام و أسسوا العلوم وتميزوا في الشعر والأدب وأجادوا عبور البحار؟
أراد العقاد أن يطرح هذا الكتاب لإنقاذ العقول العربية من هذا الوهم، فيثبت أن العرب والعربية هي أساس العلوم جميعاً، والأدب كله، بتميزها في موقعها الجغرافي و ترأسها التجارة "رقم ١" في تناقل الثقافات.
ناقش العقاد في الكتاب أسس الحضارة العربيه وتاريخها, حيث قارن نشأتها بنشأة الحضارة اليونانية والعبرية من قدم كل حضارة من الثلاث الحضارات. وقد طرح بعض الحقائق التي تثبت قدم الحضارة العربيه وان باقي الحضارات اقتبست منها حضارتها سواء في الأبجدية او معالم الحضارات ك الصناعة والملاحة وغيرها حيث قال "أقدمها في التاريخ هي الثقافة العربيه قبل أن تعرف امه من هذه الأمم باسمها المشهور في العصور الحديثة".
من هم العرب
العرب هم جماعة بشرية يُنسب أصلها إلى «يعرب بن قحطان» على أرجح الأقوال. وقد وجِد العرب في ديارهم قبل أن يُعرفوا باسم العرب بين جيرانهم. وكانت لهم لغة عربيه يتكلمونها وتمضي على سنة التطور عصرا بعد عصر، وهذه قاعده عامه تسير بها أي امه او حضارة كالهند والحبشة وغيرها, إلى ان اثبت اتصال الثقافة الآرامية بالعربية لغة ونشأة حيث قال: "وجملة القول أن الثقافة الآرامية عربية في لغتها ونشأتها ونسبتها إلى عنصرها، ولا يمكن أن تعرف لها نسبه إلى أمة غير الأمه العربية في عهودها الأولى، فكل ما استفادة العالم من جانبها فهو من فضل هذه الأمه على الثقافه العالمية".
الأبجدية اليونانية
تحدث الكاتب عن أصول الأبجدية اليونانية وانها ترجع إلى العربية أساسا وقد قدم الكاتب العديد من الدلائل لإثبات نظريته منها ان اسماء الحروف اليونانية وأشكالها ومعانيها شاهده بانتقالها من المصادر العربية، سواء كانت فينيقية او اراميه او يمنية قديمة. وكذا اثبت الكاتب انتقال لوازم الحضارة الى اليونان مع انتقال الكتابة: "تلك الحقيقة هي انتقال لوازم الحضارة وصناعاتها الأولية على الأقل مع انتقال الكتابة وانتقال أساليب استخدامها في المعاملات، فإن الأمه المتعلمة لا تأخذ الكتابة من معلميها وتترك ما عندها من صناعة السفن والملاحة ومن معارف الفلك والجغرافية".
وقد لخص مبحثه بالقول: "إن الأبجدية اليونانيه منقوله عن أبجدية سبقتها وان هذه الأبجدية السابقة هي الأبجدية العربية التى تدل عليها ألفاظ حروفها وأشكالها ومعانيها والثابت ان الحروف اليونانيه القديمه، كالحروف العربية، وأنهم كانوا يكتبونها من اليمين إلى الشمال، كما تكتب العربيه اليوم. وانها بأشكالها وأسمائها ذات معنى في اللغة السامية, ولا معنى لها في لغة من اللغات الأوربية، وإن انتقالها كان مقرونا بانتقال صناعات الكتابة وادواتها, وأن اليونان تعلموا الملاحة وفنونها ممن سبقوهم من أمم البحر الأبيض الشرقي, وان النقوش وأسماء المواقع في البلاد اليونانية ترجح وصول العرب بحاضرتهم إلى تلك البلاد في زمن قديم سابق على الأقل لشيوع اسماء (لاريسا) أي العريش وعسكرا أي العسكر وفندس أي الجبل العظيم وقد اختتم بحثه حول اليونان والحضارة اليونانية والذي تحدث عن موقع بلاد اليونان وعلاقته بالحضارة الشرقية, فالموقع الجغرافي لليونان يثبت بما لا يدع مجالا للشك انه لم تنقطع علاقة اليونان بالشرق منذ خمسة آلاف سنه على الأقل، ولم تكن علاقتها بالشرق في هذه العصور الا علاقة التلمذة.
ثم تحدث الكاتب عن الحضاره العبريه وعلاقتها بالحضاره العربيه.
واختتم الكاتب هدفه من كتابته كتاب الثقافة العربيه وهو تصحيح الأوهام الشائعة بين الغرب عن تخلف الأمه العربية في الميادين الثقافية والحكم عليها بأنها تابعة للثقافة الغربية في النواحي الفكرية، والعبرية في ثقافة العقيدة. لقد ترك العرب آثار جليه وواضحة ك نور الشمس في كل مكان استقروا فيه فكانت لهم أثارهم في الحضارة العقائدية والعادات والتقاليد والحضارة المعمارية والثقافية والملاحة والتجارة والاقتصاد, فالأثار الذي خلفها العرب في الأندلس وغيرها لهو خير دليل قائم إلى اليوم وحتى اللحظة.