وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6)
أكتب إليك عن سورة متلصقة بجدار الروح لا أحد منا يدخلها بقلب جريح، وطرفٍ قريح إلا ويخرج منها بحالٍ مريح
سورة يوسف، فابسط قلبك وأسمع... إنك لن تصل لمرحلة التمكين "وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ"
  إلا بعد اجتباء وماكان الله ليجتبيك إلا بعد سلسة اختبارات تظهر معدنك
"وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ"
الاجتباء= اختيار
الاجتباء= اختبار
يجتبيك مثل يوسف يعني أنه لابد للقلب أن يتقرح، ويتجرح  فالقريب يكيد، والبعيد يزهد ويبخس !
وفتن القلوب تأتي، والشهوات تتلون!

إذا اجتباك ربّك واصطفاك .. فعصف المكائد هباء .. وخطط الإغراء غباء .. وصار ظلام السجون ضياء ..

الاجتباء لا يأتي إلا بعد اختبارات متتالية، والاختبار فيما تملكه بل ويسبق ما تفقده! وفي النعمة قبل النقمة، والراحة قبل التعب، والرخاء قبل الشدة...
تملك صحة ووقتًا، تملك شهوات وفي طريقك أخوات هيت لك،
تملك خير الانجاز، تملك القرار، وحرية الاختيار
لابد وأن تختبر حتى تُمكن، سيكذبُ العالم رؤياك، وسيقلل منك أقرب الخلق، وسيبعد الله عنك من تحب، ويلقي الناس بك في غب الأحزان، ويزهد في طريق الله الكثير وفيك ماكنت على طريق الحق، الاجتباء قبل التمكين ليس سهلاً إنما هو للإبطال
ولأصحاب النزال، حتى يحدث التمكين وتلك الآيادي التي دفعتك بعيدًا تمتد لك راجية منك الخير، طالبة منك الإحسان، وذلك الفراق الذي ذقته كان ينحت منك البطولة والقوة، وفي نفس الوقت رقة القلب لتعرف معنى الأخوة "إني أنا أخوك فلا تبتئس"
لتكون أنت البشرى، وريح الفرج لتلك الأمة...
ومن اجتباء الله لك اليوم أن تمضي في حياتك عفيف النفس،
تغض بصرك عن أخوات هيت لك، تصبر على كيد من حولك،
فهذا يهاجمك في لحيتك في العمل، ويكيد لك ليل نهار
أو تلك تهاجم لحجابها الشرعي، هذه خطى الاجتباء فاثبتوا... فلا خذلان لعفّة يوسُفَ يا طهارة البتول.

ومن اجتباء الله لك أن تصبر على شهواتك، أن تصبر على من يسيئ لك ويسيئ فهمك،
من اجتباء الله لك أن ييسر الله لك علماً، أو يجري على لسانك حكمةً، أو يجعلك تحفظ من كتابه وِردَاً،
من اجتباء الله الأعظم لك أن أوجدك مسلماً، وجعل لسانك عربياً، وعلمك أن الجنة بمقدار عملك، بمقدار زرعك، بمقدار إحسانك...
الاجتباء أن تسعى لتغيير الخلق وشدهم نحو مركزية التوحيد..
"هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ"
صدقني الإجتباء هو المسمار الأول في سفينة التمكين
والثبات في اختبار الاجتباء هو الخطوة الأولى لتمكين أمتك..فإيّاك أن تكون عاديًا في زمنٍ يهتِكُ كلّ يومٍ جسد أُمّتك،  قَوّم ظهركَ وشُد أزرك، وأسقط وزرك، وضع نصب جبينك قضيّتك، قضيتك أمتك
فالدربُ الله غالٍ لا يقبل هوان لحظتك!، والإجتباء ليس للضعفاء، والتمكين لابد وأن يأتي للغرباء... والغيث قادم ليحول صحراء أمتك لمروج خضراء... والله المستعان