أي صاحبي إن الأنفس لتتغير بكلمة وينقلب حالها !
هات يدك معي نتأمل في مشهد بين إصرار موسى على انعاش فطرة السحرة وبين لحظات فارقة بين الكفر والإيمان!
يقف السحرة قائلين " إِنْ هَٰذَانِ لَسَاحِرَانِ" و موسى يصر عليهم بقولة " وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ"
ويلكم ...لاتفتروا على الله كذباً.. فيسحتكم بعذاب..
فماذا يحدث، كُليمات اتخرقت عظام الصدر فسجد القلب قبل البدن من قوة صدقها!
ولا يعلم السحرة عن صفات ربهم سوى أنه رب هارون وموسى وهو خالقهم
وفي ثبوتٍ عجيب يقسموا بمن فطرهم بخالقهم!
فيكون سلاح الفطرة غالب، ويكون أساس الثبات صلاح الفطرة
الفطرة الصالحة تحركها كلمة، فتربو وتهتز، فتحيا بعد موت، وتسكن بعد هلع، وتؤمن بعد شك، وتثبت بعد تيه!
واليوم
لربما لتلك الكلمة التي ألقيتها يوماً ما ولاتذكرها وسط الأنفس الجدباء من حولك منهم سخر منك، منهم من وقعت في نفسه وقد رويتها من مهجة قلبك وظللت تعيدها بين الخلائق وظللت تسهر عليها تدفئها في الليالي الباردة وتظللها بجسدك من وهج الشمس صرت أنت تحترق دونها لعل تلك الكلمة تحوّل المشهد ! وتتحول الأرض القاحلة إلي مروج خضراء..
فينقلب قلب من وعى، وسمعك، وتتغير خارطة حياته كلها
ياصاحبي صحراؤك ستصير يوماً ما بلدة تهوي قلوب الناس إليها ! كلماتك الصادقة ستغدو شجرة تؤتي أكلها في كل حين بإذن ربها، لربما الكلمات الصادقة التي قلتها لن يسمعها إلا من له قلب سليم، فيتهز القلوب ويحيا وتأخذ أجرك مرتين!
ربما تكن كقطرة الماء، تحتاجها أرض قلب أحدهم، فتثمر،
ربما الكلمة تلك يكن حبالها موصولة برب السماء فتقلب حال أحدهم ويكن لها أثاراً عميقاً بحجم الآبار، فلا تخجل من قلة أدواتك، ولا فقر لغتك، ولا وحدتك، الله الذي خلق فيك الصدق والسعي للإصلاح سيصلحك،
"إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"
لم يخاطب سوى القلب، القوة في القلب والثغر في القلب،
فالقلب سفينة رحّالة، ينظر الله لوجهتها، ويعلم مرساها،
فمن كان تواقاً للرب، سهل الله له الدرب، ويوم البعث والنشور،
لن تقف وحدك حين يفر المرء من أخيه، سيقف إلي جوارك كلمتك، وصدق نيتك، سيقف إحسانك وقت الإساءة، وصمتك وقت الغضب، وغضبك وقت انتهاك محارم الله، حركة قلبك لن تضيع عند الله، ستعلم أن أعظم مصفوفة للكلمات هي التي بثثتها لأحدهم..
الكلمة التي تُثبت بها أخاً على الطاعة، فلا تصمت في الحق حتى لاتندم على كلمة حق حفظتها، أو فكرة بعتها، أو رسالة تحفيز حذفتها، أوصية إخاء تجاهلتها، القبور ملئية بالموتى الذين دفنوا بأحلامهم، ومكامن صدورهم، كانوا قادرين أن يكونوا فاتحين لكنهم اليوم في قبورهم نادمين، فلا تترك فرصة تهذيب القلوب، وتعبيد الدروب، ورجفة قلب حارقة، و لمست يدٍ فارقة، وقول كلمة صادقة، ازرع كلماتك الصالحة، وانظر في كلماتك الندية، على أنها مع الله تجارة فردية، وإن قام الخلق عليك أذِّن لرب الناس لبيك وإن خلت الأرض من كل ساجد، فلله المساجد
ازرَع فسيلَتك واصدع بكلمتك .. ولا تَخشى صراخات القيامة !
إرّفع كلمتك فهي البيت المأمول .. والهدف المنشود،
ولا تتوقّف .. فهو من وعَدك أن يعمرها كالَبيت المَعمور !
هو من سيجعل أفئدة تهوى، ومن يعبد غير الله يهوى
قف للباطل وأهله قائلاً: " ويلكم لاتفتروا على الله كذبًا"
أنعِش الفطرة، وأيقظ الفكرة،
هُز النخلة الضّاربة في أعماقِ المُستحيل .. وهو من سيسقط الرّطب عليك جنيّاً !
لا تيأَس .. وإن منعوا عنك زَمزم .. فالذي فجرها من الجفاف .. سيجعلها تَفور، لتكن فسيلتك تؤتي أكلها كل حين ماؤها التوحيد
العذب، وشريانها من نبضك، واحذَر أن تُدير ظَهرك .. وتقول ؛ ( للبيتِ ربٌّ يَحميه ) ! فليس الشأن في الحماية إنما الشأن في الإختبار، والإختيار...
والرب بيده القلوب وهو علام الغيوب، قادرٌ على أن يحول القلوب على يديك، كما حول الله قِبلة قلب السحرة وانقلب القلب لله ساجداً
من عبادة العباد إلي عبادة رب العباد، وصارت للقلوب انقلاب.. من المعصية للطاعة
ومن الضعف للقوة، ومن ضيق الذنب إلى سعة المغفرة
فاللهم قلب قلوبنا على الطاعة، وارزقنا اتباع أهل السنة والجماعة... وثبتنا يوم تتقلب القلوب والأبصار