قالو عنه الكثير ،الكثير .شغل هذا الموضوع البشرية منذ القدم الى وقتنا الحاضر ،ولكن طريقة تناوله تختلف من شعب الى شعب ومن امة الى امة ومن عصر الى عصر و.... بل ومن شخص الى شخص . تكلم عنه الشعراء قديما وحديثا وألفوا عنه دواوين وقصائد من مختلف البحور ومختلف الأساليب الشعرية كما تناوله الأدباء وأنسجوا عنه مقالات ونصوص وقصص وروايات .....اما في عصر العولمة والتكنولوجيا فقد تحدث المنتجون عن هذا الموضوع بوسائل حديثة من فيديوهات وصور وافلام قصيرة ومتوسطة وطويلة و.....من كل هذا الزخم الهائل تبين جليا ان هذا الموضوع ترك بصماته بكل وضوح على تاريخ البشرية فبات جزءا من حياته حتى اصبح مثل الطعام واللباس لا يستطيع الأنسان ان يتخلى عنه فقيرا كان اوغنيا ذكرا او انثى .ان هذا الأهتمام الكبير يعود بنا حتما الى استقراء آراء الأدباء والفلاسفة والعلماء والفقهاء وكل من كتب عن هذا الأحساس المتجدر في شخصية الأنسان .واذا عدنا الى الوراء سنجد قصصا وروايات واخبارا كتبها عشاق ومهتمون بهذا الموضوع الشيق . لعل قصة مشهورة في هذا الصدد هي قصة روميو وجولييت وما ادراك ما هذه القصة الرائعة التي كتبها الأديب الشهير شكسبير موظفا فيها متناقضين كبيرين : الحب والمأساة . لقد اختار شكسبير بطلا هذه التراجيدية من عائلتين متناحرتين بحيث يستحيل زواج العاشقين .نظرا لهذا المشكل القائم قرر المؤلف ان يجد حلا لهذا الزواج فاستعان بالكنيسة اي الراهب للدخول في هذا الصراع ومساعدة الزوجين لحل مشكلتيهما ،لكن رغم المساعدة التي قدمها الراهب ورغم الخطة التي خططها العاشقين من اجل الزواج انتهت القصة بالمأساة حيث مات العاشقين جنبا الى جنب دون علم بما حدث لكل منهما .لقد صدق من قال : ( ومن الحب ما قتل ).
قصة اخرى للحب عنوانها: كيليوباترا وانتوني مارك .انها قصة حب لرمزين من الطبقة الحاكمة .انتوني حاكم الأمبراطورية الرومانية وكيليوباترا ملكة مصر .بالرغم من المسافة البعيدة التي تفصل بين مصر وروما وبالرغم من المعارك التي جرت بين الدولتين الى جانب الصراع الداخلي بين انتوني وحكام الأجزاء الأخرى للأمبراطورية الرومانية فان شكسبير اختتم هذه القصة الغرامية بموت العشيقين دون استكمال علاقتهما الحميمية في الدنيا تاركا لهما الفرصة الى الدار الثانية اي بعد الموت .لقد تم تصوير احداث هذه القصة في اشكال سينمائية ومسرحية مختلفة ولعل اشهرها واضخمها الذي يحمل عنوان : كيليوباترا .هذا الأنتاج الضخم في تاريخ صناعة الأفلام السينمائية المعروفة بهوليود .
اضافة الى هذه التراجيديات المتميزة هناك قصص اخرى مشهورة من امثال : ابولو ودافني وباريس مع هلين وقيس مع ليلى .ثم هناك اساطير بابلية قديمة تحدثت عن هذا الموضوع الذي نحن بصدده .
وعبر التاريخ من القديم الى وقتنا المعاصر نشات علاقات غرامية بين الذكر والأنثى تنتهي احيانا بالمأساة واحيانا بالفرح او السعادة . بغض النظر عن هذا وذاك فان الحب كان وما يزال لكن الذي تغير هو طريقة العلاقة بين العاشقين اذ كثيرا ما تطغى المصلحة الشخصية على احد الطرفين فتفسد طعم الحب ويصبح سما قاتلا .زيادة على ذلك ، حب اليوم حب سريع قد تنطفئ شمعته بغروب شمس اليوم الذي بدات فيه العلاقة الغرامية .وكما نسمع يوميا في عالمنا العربي والأسلامي وقائع الأغتصاب والقتل وما الى ذالك من جرائم ترجع اسبابها الى الخيانة قبل الزواج ان صح هذا التعبير لأن احد العاشقين قد يخون شريكه في رمشة عين ولسبب بسيط دون مراعاة ما مضى من العلاقة بين الطرفين .
خلاصة القول تظهر ان الحب قد يقتل فعلا كما علمتنا الأساطير السابقة والقصص الغرامية التي نسجها تاريخ البشرية وان لم يقتل فانه يعذب صاحبه نفسيا او جسديا اشارة الى انتقام الآخرين الذين يحيطون بنا .
واختم بهذا البيت الشعري الرائع :
أنتِ النّعيمُ لقَلبي وَالعَذابُ لَهُ فَمَا أمَرّكِ في قَلْبي وَأحْلاكِ