القاعدة الذهبية في بناء ثقة الرؤساء على وجه العموم هي: " التحضير الجيد" أو القيام بالواجب بلغة المعلمين. أقدم في هذه التدوينة مقترحات عملية مجربة لكيفية القيام بالواجب أستخدم في طرحها أسلوب الأسئلة الموجهة إلى الذات وقد ناسبني هذا الأسلوب عندما أراجع نفسي وأرجو أن يناسبك.
عند وجود موضوع تود نقاشه مع رئيسك أو فكرة تود طرحها تعود أن تسأل نفسك أسئلة خلال الإعداد لمقابلته، فلا تزال لديك الفرصة للمراجعة ، فبعدها قد يكون الوقت متأخراً بعض الشئ لإنقاذ الموقف..باختصار تريث وقاوم الرغبة في "الدرعمة". والآن إليك نماذج من هذه الأسئلة التي ستساعدك في التحضير الجيد والتي قد لا ينطبق بعضها على حالتك بالذات، فانتق منها ماتجده مناسباً وحاول تطويع أو تجاهل ماعدا ذلك.
1. هل درست الوضع القائم ومن ثم قررت التغيير؟
ليس هناك مجال لقبول التغيير لمجرد التغيير .. يجب أن تكون هناك أسبابًا تدعو لذلك خصوصًا في ظل أجواء عمل مكتظة بالمهام. تحدث هذه الحالة لدى حديثي الالتحاق بالعمل فيما يعرف ب " متلازمة المبتدئين" فيعتقدون أن بإشارتهم إلى أماكن القصور فقط – وفق اعتقادهم – فإن ذلك دليل كاف على كفاءتهم ..قد يكون كذلك ولكنه قد يكون دليلاً واضحًا على عجلتهم وعدم تريثهم وفهمهم للصورة كاملة. لذلك استثمر وقتك في محاولة الفهم الوضع القائم قبل اقتراح التغيير.
2. هل استوضحت ما أشكل عليك وفهمته؟
إن الأحرى بك هو السؤال والبحث والتقصي لمعرفة كيف تعمل الأشياء وفلسفة تصميمها أو أسباب اختيارها وليس القفز إلى الاستنتاجات. وتذكر بأنه لا يوجد " سؤال سخيف " بل هناك " أجوبة سخيفة" . تجنب في نفس الوقت سؤال أصحاب نظرية المؤامرة من الزملاء فأجوبتهم ستكون من شاكلة " لعل لديه مصلحة من هذا الاختيار؟ " ، وتجاهل الردود الهزلية من شاكلة " لعل مزاجه كان رائقاً فاختار ذلك" ، فهي غالباً تأتي ممن لا يعون ما يقولون وليست لديهم أدلة موضوعية على طروحاتهم، فإن لم تكن قادرًا على نقاشهم نقاشاً موضوعياً فالأسلم الابتعاد عنهم كي تتمكن من بناء خلفيتك المعرفية التي يمكن أن تستند إليها في فحص الأمور .. وبعد ذلك لا تعد لهم فهم خطرون في كل الأوقات.
3. هل قرأت عن الموضوع؟
من أقوى أساليب البحث هي القراءة والقدرة على التقصي، لكن القراءة وحدها لا تكتفي دون توثيق للمعلومة. طور أدواتك وكون قائمة مراجعك السريعة التي لا تستغني عنا أبدًا، فإن لم تكن تلك المراجع في متناول يدك دائمًا فقم بنسخ ماتحتاجه من صفحات منها وضعها في ملفات مصنفة وضم لها لاحقًا ما يندرج تحت ذلك الموضوع من معلومات قد لا تتمكن من الوصول إليها مستقبلاً بسهولة.
4. هل أعددت مقترحًا لنقاشه؟
إن خدمت الفكرة بالبحث فلا تبخل عليها بملخص بسيط مع رسم توضيحي مبسط موضح عليه بعض الأبعاد والتفاصيل التي تساعد في توضيح الصورة. فكم من أوقات تهدر وأفكار توأد بسبب عدم قدرة طرف على توصيل الفكرة للطرف الآخر، أو عدم قدرة الطرف الآخر على استيعابها والحل قد يكون مجرد رسم تخطيطي أو صورة فوتوغرافية أوجدول مقارنات وينتهي كل شئ. في بعض الأوقات قد يكون من الضروري أن تبني نموذجًا ملموساً لتوصيل الفكرة بشكل أفضل .. لا تتردد في فعل ذلك وابذل الوقت والجهد ولا تنس عامل الزمن والأعمال الأخرى المطلوبة.
5. هل قمت ببعض الحسابات؟
أرجوك لا تقل لي بأنك لم تحسب سماكة الجدار المتوقعة أو التوفير في الوزن الناشئ عن تبني الاختيار الذي تدعمه. رقم واحد قد يحسم الموضوع في الاتجاه الذي تتطلع إليه أو العكس. في كل الأحوال فأنت لاتود معرفة نتائج عدم القيام بالحسابات عندما تنبعج تلك الاسطوانة أو تحترق تلك الدائرة الكهربائية لغياب الحسابات الأساسية التي قد تمنع ذلك ببساطة.
6. هل راجعت تصميمات أو نماذج سابقة؟
لست دائمُا بحاجة لإعادة اختراع العجلة فالمهم أن تأتي بحل. إذا كنت من هواة الابتكار فلاتصدق كلام من يقول بأن الاقتباس ليس ابتكاراً، فالإطلاع يثري الفكر والاقتباس مرحلة من مراحل التكديس المعرفي الذي قد تنجم عنه فورات الابتكار في كثير من الأحيان.
7. هل وضحت منهجيتك ورسمت صورة لكيفية الوصول للهدف؟
احرص على وجود تصور واضح لمنهجية البحث، أعني بذلك التجارب التي تود القيام بها وتسلسلها والنتائج التي تتوقع أن تساعدك في حسم الأمر والحسابات المبدئية والمواد التي تحتاجها وطرق توريدها والزمن التقريبي لإنجاز العمل .. إلخ، كما أن وجود تصور ولو بسيط عن العقبات التي قد تعترض الطريق أو الأدوات اللازمة للوصول للهدف أمر مهم جدًا. ربما يعارضك رئيسك في كثير من التفاصيل ولكن- في نفس الوقت – إن رأى بأن لديك منهجية واضحة فقد يساعدك في تذليل ما قد يصادفك من عقبات باقتراح بعض الحلول أو قد ينسف الموضوع برمته. من المستفيد ؟ هو أنت .. فلقد قمت بتمرين مهم لاستشراف المستقبل سيفيدك في تجارب قادمة بإذن الله.
8. هل قمت بتوثيق جهدك؟
إن لم توثق أو على الأقل تجمع كل حصيلتك المعرفية عن الموضوع في ملف ورقي أو إلكتروني أو حتى صندوق كرتوني فاسمح لي .. أنت لم تفعل شيئًا يذكر . إن أتيت للقاء مستخدمًا عبارات مثل :"لا أدري أين قرأت عن ذلك!! " أو " النتائج كانت هنا وتبخرت " أو " سأعثر على الأوراق في يوم ما " فاعلم بأنك قد حكمت على فكرتك أو حجتك بالفناء.. وأنت السبب ..
إن من أهم ما يعزز ثقة الرئيس بمرؤوسيه اطمئنانه لمنهجيتهم في التعامل مع الأمور والمستجدات، فكلما كنت غامض الطرح ضبابي المنهج كلما ازداد عدم شعوره بالأمان وبالتالي صعب عليه التفويض حتى وإن كنت صاحب منجزات سابقة مع غيره، فهو في قرارة نفسه يشعر بعدم الاطمئنان لأنها قد لاتتكرر إذا تغيرت بعض الظروف . باختصار كن واضحًا واهتم بالتفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة.