لا يعرف الإنسان قيمة النعم إلا عندما يفقدها ...... لا تستهين بأنك تمتلك القدرة على رؤية الطبيعة والاستمتاع بلحظة غروب الشمس على شاطيء البحر ، فإن المسجون لا يستطيع أن يتنعم في هذا الجمال ، وفاقد البصر يشعر بالحنين دائماً إلى نور الشمس خاصة وهو يمتلك الإلهام وقوة الإحساس الذي يجعله يعرف وقت شروق الشمس وساعة رحيلها .....
إذا عرفنا قيمة الأشياء الحقيقية ، فإننا لن نغفل أبداً عن ذكر الله وتسبيحه وتعظيمه .... ولن نصاب يوماً بداء الحقد ، لأن العلم بقيمة ما نملكه يجعلنا نتيقن كم أن الله هو الحكم العدل الكريم الحكيم ، فلقد قسم الأرزاق بين العباد بالتساوي ... قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَٰكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) آية 44 سورة يونس.
فالإنسان نفسه هو من يظلم نفسه ، فمن الناس من يختار العبودية بإرادته الحرة بدون ضغوط ، ورغم أن الله خلقنا أحرار اً .... وسخر لنا الشمس والقمر والفلك والأنهار لنتفكر في خلقه وإبداعه ، ولكن هناك الكثير من البشر يفضلون الذل والمهانة ، حيث يغمضون أعينهم عن العالم الكبير المتسع وينظرون للدائرة المنغلقة تحت أقدامهم ،فإنهم يلهثون خلف ملذاتهم ونزواتهم الضئيلة الفانية ، وهكذا يختار بعض الناس الفقر رغم شيوع الخير في كثير من بقاع الأرض أمام أعينهم لكنه عمى البصيرة الذي يعجزهم عن رؤية الزروع والثمار ......
لم نكن نعلم كم نحن مكرمين إلا في لحظات الأنين ، فقد تهزمنا دموع الحزن بأن نفقد أحبائنا في رحلة الحياة ليعود بنا الزمان ونتذكر كم كنا دائما سعداء مطمئنين ، ولكننا لم ننتبه لتلك الفرحة إلا بعد أن فقدنا مصدرها لنعرف أن الله أجزل علينا من وفير النعم ، وربما جعلنا نفقد بعضاً منها لنتعلم كم هي غالية ، وتمر السنين بنا ليفاجئنا الزمان بنعم جديدة تجعلنا نبكي ونسجد إلى الله طمعاً وعشقاً في رحمته ورضاه .