فَوْضَى الدَّوْلَةِ اللِّيبِيَّةِ: معاني وَدَلَالَاتٍ

مهما كانت الفوضى التي تقتفيها ليبيا اليوم باستبدال نظام بنظام سياسي أخر، ولا يجب أن يكون التغير والإصلاح جزء من مما كانت عليها ليبيا في الماضي، ولا غضاضة على المجتمع الليبي أن يعيش في إطار نظام سياسي متحضر يبرز عند نزع الفوضى الخلاقة.

كيف يكون لنا التصور المستقبلي لليبيا في إرادة الشعب الليبي في الوطن بمثابة التأسيس للإستراتيجية الأنظمة السياسية المعاصرة التي تخدم المصالح الوطنية الليبية بالخروج من دائرة الفوضى.

لقد مثلت تلكم الفوضى بغياب القانون الأعلى لدولة الاستقلال عندما تخلص نازعين الشرعية الدستورية الليبي المملكة الليبية بانقلاب عسكري.

وما شملت عليه ليبيا من احتلال في ماضي تاريخيا، لتبرز ليبيا مستقلة ذات سيادة دستورية تعمل على جر البلاد من خلال تأسيس دولة الاستقلال جيشا يحمي الأمة الليبية من شرقها إلى غربها إلى جنوبها.

ليبيا اليوم أصبحت " دولة الميليشيا " وأمنها الخاص أصبح في يدي الميليشيا باختلاف المسميات وأحزابها المتعصبة التي تحميها " الميليشيا الليبية " المتعددة وليس الجيش الوطني الليبي الذي أسس على أساس حماية الدولة والأمة الليبية بقانون الحماية.

وعلى اعتبار ليبيا غارقة في الفوضى تمثل فيها لحظة تأسيس ايعادة تأسيس لكيان الدولة الليبية المعاصر على أساس دولة الاستقلال وتكريس الجهود للتخلص من هذه الفوضى الخلاقة التي لم تنتهي حتى بعد ثورة السابع عشر من فبراير لعام 2011.

تتجه الخطط إلى ذكر أهداف تنتقل بها ليبيا من الفوضى إلى الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي بالأسلوب التخطيط العلمي تكون لحظة انطلاق ليبيا إلى عالم التجدد والحداثة في نظام سياسي دستوري جديد يعيد للامه الليبية أمجادها.

وحتى اليوم لم تكرس الثورة الليبية الشعبية جهودها من أملا رسم وإعادة هندسة الدولة الليبية التي ترتكز على أساس الدستورية الشرعية الليبية، ولم يتم تغلغل أفراد ووجه جدد يعملوا على هيمنة الوضع البائس من الفوضى التي تعيش فيها البلاد.

وهذا يشير ويدل على أن القوى المسيطرة على الأوضاع السياسية داخل البلاد تعمل على استمرار الفوضى تجسدها سياسة مصالحهم الخاصة وتتجه بليبيا إلى عالم المجهول دون وجود خطط إستراتيجية واضحة.

اتخاذ هوية المجتمع الليبي دليل يعمل على شهادة على العصر في انتقال ليبيا من الفوضى التي تمثل لحظة قطعية مع كل ما هو قائما اليوم من أخطاء في حق الشعب الليبي الذي عان من تخلف اقتصادي وسياسي وثقافي في الماضي.

إذ مثلت هذه الفوضى التي عاشت عليا ليبيا في الماضي والحاضر مدخلا لتأسيس الفعل " دولة الميليشيا " التي نرها اليوم في ليبيا وكانت عاملا فاصلا في مدار تحركها وتوجهها في حكم ليبيا بدون شرعية دستورية تعمل على تعزيز وجودها.

المليشيا الليبية تعزز نفوذها في عدم وجود الدستور الليبي الذي ابعد من الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الليبية في بلاد غزتها الفوضى وأرادت بها الدول الطامعة في ثرواتها أن تكون هكذا دولة فوضوية ليس لها قانون يحميها من الظلمة.

ليبيا الآن تعاني من الفوضى الخلاقة ودون الحكم الدستوري سوف تستمر في ما هي عليها من فوضى، ذلك أن الحكم الدستوري يبتغي تشكيله في أسرع وقت ممكن لرسم خطوطه العريضة كرقعة شطرنج تعمل على الدفاع على الدولة الليبية المعاصرة.

أن اسقط الدولة الليبية هو في حد ذاته إسقاط للمجتمع الليبي حسب مقولة جورج فيلهلم فريدريش هيغل فيلسوف ألماني صاحب الأطروحة ثم نفيضها تم التوليف بينهما في التاريخ والفكر، فالفوضى التي أوجدها النظام الجماهيرية الليبية السابق أسقطت الدولة الليبية الدستورية.

في الحقيقية جوهر الفعلة التي أسقطت الدولة الليبية مع بداية عصر الجماهير تلك هي هدم أركان المجتمع الليبي المستندة على دستور الدولة الليبية وليس على عهد نظام المملكة الليبية التي سبقها نظام الجمهورية العربية الليبية.

تلك هي حقبة الجماهيرية الليبية التي كانت لها الدور الفعال في الفوضى التي في جوهرها الفعلة هدم واسقط الدولة الليبية مع بناء نسخة من يوتوبيا الأحلام في دولة مثالية يتحقق فيها الخير والسعادة للمجتمع الليبي الإسلامي العربي.

وما اتخذ في عهد الجماهيرية الليبية شعارات للمعاداة وباب والتحشيد والتعبئة للجماهير الشعبية والتجنيد السياسي والأيدلوجي، طمعا في استمرار السلطة الغير دستورية، وطمعا في صهرها في بوتقة مشروعها المتعاضد الغربي.

وبعبارة أخرى انزلقت ليبيا في صراعات خارجية مع دول العالم حتى مسألة الخلافات مع أمريكا الدولة العظمى التي أزلت نظام حكم الجماهيرية المعادي لها، فلم يصبح لليبيا إلا الفوضى وتنازع وضرب للمصالح الخارجية على ثروات الدولة الليبية.

كذالك أمريكيا دون أن تصل إلى حد الإضرار بمصالحها أو المساس بها تكون بعيدة عن المشهد السياسي ، بل خلق المصالح بين ليبيا وأمريكيا تعمل على إعادة الأمن والأمان، وهنا نوضح بخطاء الحسابات الاستراتجية بين ليبيا والولايات المتحدة الأمريكية.

ومن خلال تلك الاستراتيجية وتلكم السياسيات المدمرة في جماهيرية القذافي نجد الفوضى منشدة إليها ومتوكئة عليها الدولة الليبية اليوم ولم تكن الفوضى كما يدعي الكثير منا نتاج الربيع العربي الذي أطاح بالنظام السياسي السابق.

علينا الرجوع بأسباب الفوضى التي أحاطت بنا اليوم ونعتبره اكسيجينا نستنشق به وعليه نعمل، ولم تكن كما تدعى يوما ولن تكن سوى خلفها لنسقها الخاص بالثورة الشعبية الليبية التي تخلصت من اعنف وأسوا نظام عرفته الدولة الليبية.

كان النظام السياسي السابق بالضد من الدولة والمجتمعات الثلاثة السياسية والمدنية والأهلية، كما كان بالضد مع الوطنية والمواطنة الدستورية ومن الدين المرتكز على الحرية والعالة كقيمة ومبدأ أنساني مع المعاداة الخارجية من الدول الجوار والإفريقية والدول الغربية في أنحا العالم.

بقلم / رمزي حليم مفراكس