ه
هـيـاء ✩

Allah then the king and the homeland. نحن أبطالٌ بقِصة لا زالت سطورها تُكتب 📝 | و لنا في #التطوع حياة 💙

مدة القراءة: 3 دقائق

دواءٌ و ارتِواء ...

محطات الحياة بأحداثها  لا تتوقف و وجوه الغرباء طيفٌ يصنع الكثير من الأشباه في الذاكرة، و حديثهم  ذا نسقٍ لا يخرج منها. كحديث الطائرة مثلاً، و دردشة ثواني المصعد، و على رصيف المشاة، و في صالات القطار، و على مقاعد الانتظار. كانت تلك مصادر خطرٍ و حذر لم تتوانى فيها أمهاتنا عن رسم الخطوط الحمراء عند الحديث مع الغرباء بينما هو أروع تفاعل إنساني عابر ممكن أن تحظى به. 

تقول الكاتبة كيو ستارك: نحن نتواصل أحياناً مع الغرباء بصورة أكثر عمقاً و حميمية من الأصدقاء و الأهل لأن مشاعرنا تجاه الغريب مفرغة من التوقعات التي قد تثقل تفاعلنا مع القريب.

لكن يبقى حديث الصحب حديث روح و متعة. و تبقى لذة سرد الحكاية لصاحبك بكل أريحية دون قيود أو أسلوب مُعقد نكهة خاصة و شعور لا يوصف من الراحة و الثقة و الطمأنينة بأن هناك نصفٌ آخر منك يتحملك مهما طالت حكايتك البائسه، تُعبر بطريقتك الخاطئة فيقول لك: تقصد هذا و يكون مقصده هو ما تريده بالضبط. شخصٌ يفهم معنى حركة يديك أثناء حديثك و يُقدر تلعثمك و تداخل العبارات حين يأخذك حماس التعبير فتخلق لك مصطلحاً جديداً يُعجب به و يضيفه لقاموسه الخاص بالحديث معك،  يؤنبك قبل أن يُثني عليك، و يُرشِدك حين تظل الهُدى، يُعيدك لواقعك حين تُبحر في اللاشعور، تتحدث معه عن قراراتك الخاطئة قبل الصحيحة و عن أعظم أفكارك و أتفهُها، شخصٌ تتجرد من آداب الحديث أمامه شخص يكمل عبارتك حين تنساها فيُشكل حديثك معه فارقاً عظيماً في قلبك و في توازن حياتك و في خطواتك و في إستقامتك و إستقرارك.

في يوم من الأيام أخذت موعداً من أحد الزميلات بعد إنتهاء العمل لمناقشة و إعتماد بعض النقاط المهمة قبل أن نبدأ بتطبيقها و كنت أترقبها مُنتظرة. في هدوء المقهى المعتاد على ناصية الطريق في منتصف الساعة الأولى أستمتعت جداً و وددت لو طالت ساعة انتظاري لها، أستطعت أن أرى كيف للحديث أن يصنع فارقاً في نفوسنا و متنفساً لأرواحنا كيف للحديث أن يروي عطش نفوسنا، أن يجعلنا كالغمام نُحلق في السماء بِسلام. ترتسم الإبتسامة على وجوهنا أثناء حديثنا بِحُب و أريحية مع أصحابنا عن شتى مواضيع و مواقف الحياة. لقد كان أحدهم في ذلك اليوم  خلال ساعة إنتظاري لزميلتي متلهفاً متعلقاً بعينيه على ساعته مُقابِلاً للباب، كان صامتاً جامداً في البداية لم أتوقع من صمته و هيئته هذه و جموده إلا أن يكون شخصاً يستحيل أن يحدثك لدقيقه متواصلة!! لكن ما لبثت بضع دقائق إلا و صوت حديثه و ضحكاته تقطع حبال أفكاري التي تعبت فيها مع زميلتي جاهده على مدى ساعةٍ ونصف لربطها و تحليلها، لقد كان ممتلئاً بالحديث و ينتظر ذلك الصاحب بفارغ الصبر كان حديثه بين جلسةٍ و وقوف،  بين صوتٍ عال و ضحكة أعلى بين معارضة رأي و تأييد كان شخصاً واحداً يقابله على الطاولة لكنني متأكدة أنه يساوي العالم أجمع.

يقول النيسابوري في وصف أحد صحبه: فلان حلو المذاق  عذب المساغ أعلى الناس في جِد و أحلاهم في هزل، يتصرف مع القلوب كتصرف السحاب مع الجنوب، لهُ عِشرةٌ ماؤها يقطُر و صحوها من الغضارة يُمطر هو ريحانةٌ على القدح و ذريعة إلى الفرح. عِشرتُهُ ألطفُ من ريح نسيم الشمال على أديم الماءِ الزُلال و ألصق بالقلب من علائِق الحُب.

و عن توق اللقاء و جلسة الصفاء حين يروي لنا الكاتب عبدالوهاب مطاوع جوع روحة للحديث مع صاحبة و اشتياقها للتحدث عن المفارقات المضحكة و المواقف السيئة قبل الجميلة و كيف إحساسه بالغربة وسط الزحام لكن لم يعذب نفسه أكثر من ذلك حين أخذ موقفه و غادر من كارديف إلى لندن ليتكلم فقط.

و يؤكد أهمية ذلك قول أبي حيان التوحيدي عن حديث الأصدقاء: هو شفاء للصدر، و تخفيفاً من البرحاء، و انجياباً للحرقة، و اطراداً للغيظ، و برداً للغليل، وتعليلاً للنفس. 

فحديث الصحب حقاً دواءٌ للنفس و إرتواءٌ للروح. 

ه

هـيـاء ✩

Allah then the king and the homeland. نحن أبطالٌ بقِصة لا زالت سطورها تُكتب 📝 | و لنا في #التطوع حياة 💙

أهلاً بكم في مدونتي! أنا كاتب شغوف أشارككم أفكاري وتجربتي في الحياة من خلال تدوينات أسبوعية. أستكشف فيها التوازن بين القيم والمغريات التي نواجهها يومياً، وكيف يمكننا أن نعيش حياة مليئة بالمعنى والعمق. انضموا إلي في هذه الرحلة الأدبية!

انضم الى اكتب

منصة تدوين عربية تعتد مبدأ البساطة في التصميم و التدوين

التعليقات