في معرض حديث عن الحب سَألت صديقتي مشككة.. كيف يستقيم الإيمان إن لم يكن خالصاً، كيف يكون الإيمان صحيحاً وسوياً إن كان من خلال بشر أو كانت قنطرته شعوراً بشرياً خالصاً؟!
وقفت حينها عاجزة خالية الوفاض من حجة أدافع بها عن رأيي.. بداخلي يقين أعجز عن إخراجه بكلمات منسقة ومقنعة وفي نفس الوقت جميلة كيقيني فيها.. وكم تتكرر هذه المواقف وكم يعجز المنطق حينها!
وهذا ما فعلته رواية فتاة من القرن الذهبي.. نافحت نيابة عني؛ عن أن الحب البشري سبيلنا للإيمان وسبيلنا للنجاة.. بكل سلاسة وصفّت الروية اضطرام الحيرة وفقدان الأمل وتملك اليأس الذي هو أول الكفر من نفوسنا المنهزمة.. وصفت الحنين للإيمان والاطمئنان في عالم يخذل الإيمان، إن لم يكن يحاربه!..
وبكل سلاسة أرتنا كيف أن التقائنا بأنصافنا الذين يحملون نفس أرواحنا.. بما يجملها ويعذبها.. وبمايسعدها وبما يشقيها.. وبما يحييها وبما يقتلها.. كيف أن التقائنا بهم يفتح لنا أبواب لم نكن نعرف بوجودها حتى.. كما فتح لقاء الأمير عبد الكريم بزاد أبواب المساجد في قلبه.. وكما كشف هو عن المؤمنة الحائرة في قلب الزاد، تلك التي كادت تنسى أنها إنسانة مختلفة عن الحياة التي تركت فيها بلاحماية وبلا اكتمال تربية كما قالت.
وإن كانت الرواية تصور الهزيمة، فإنها لا تسلب الأمل.. أو هكذا يفعل الحب في الهزيمة؛ يعطيها معنى ويهونها في النفوس فلا ترى إلا في حجمها بدون أن تبتلع نفس الإنسان وروحه. مساكين جدا أولئك الذين يهربون من الحب خوفاً من الهزيمة.. ليتهم يعرفون أن فيه النجاة.
ككل الأشخاص والأشياء التي بثت اليقين في قلوبنا في أصعب الأوقات كانت هذه الرواية تعويذة إيمان ويقين.. وحياً جميلاً ومنطقاً فائق الجودة نافح عن الحب كسبيل للإيمان.. وأخذ من اليأس في قلوبنا ليعيد لنا بعضاً من الإشراق والحنين.