ترجمته من الفرنسية إلى العربية: غالية علي

مقال من مدونة marathon des langues



هناك عادات أثرت في حياتي بطريقة إيجابية، كما أنها ساهمت في تعلمي للغات؛ لأن تحقيق حياة متوازنة بالعادات اليومية تعني تعلّم أكثر، و حوافز داخلية سليمة.

العادة الأولى: استيقظ مبكرًا.

سأخبركم قليلًا عن حياتي، وعن لحظة التغيير، كانت نقطة التحول في حياتي لحظة الخروج من الكلية بآمال كبيرة، والدخول إلى الحياة العملية بمشاعر غريبة، حماس مختلط بالخوف، هذه الفترة من الحياة مثل ظهور حب الشباب ولكن في سن 25/30 سنة!.

المدرسة تعدّنا لحياة عظيمة، وفي النهاية يخيب أملنا تمامًا!. بعد رحلات كثيرة سبع سنوات من السفر على المدى المتوسط والطويل- والتوتر، ضيق الوقت، التفوق على نفسك من أجل إرضاء رئيس العمل، التفوق على المنافسين في سوق العمل، النوم في 9:30 م حتى في يوم الجمعة من التعب، وبالطبع القليل من الوقت لممارسة الهوايات، أين ذهب وقتنا طوال العشرين سنة؟ في الحزن.

باختصار، الحياة الطلابية ليست أبدية، وأنت عليك أن تعيد التركيز على هواياتك لتُنقذ ما يمكن إنقاذه. أنا لم أتخلى عن هدفي، وهو معرفة المزيد من اللغات، رغم افتقاري للوقت.

لحظة الاكتشاف: لدينا 24 ساعة في اليوم، لا أقل ولا أكثر، اكتشفت كتاب معجزة الصباح، للكاتب هال الرود، الكتاب يحكي عن مفهوم بسيط جدًا، لكنه أحدث تغييرات هائلة في حياة الكثير، الفكرة هي:

الاستيقاظ في الصباح المبكر، وتحقيق مهامك اليومية وتقترب خطوة من أهدافك الشخصية قبل بداية عملك، وبالتالي تبدأ يومك بهدوء أكبر، بقائمة مهام أقل. قد تفكّر كيف ساهمت هذه العادة في تحسين مستوى تعلمي للغات، أثناء تجربتي لهذه العادة تعلمت اللغة البرتغالية!، هذه العادة جعلتني أكثر انتظامًا في رحلة تعلمي، عبر قيامي بها بدون أعذار وكل يوم،وهذا هو مفتاح نجاح تعلم اللغات.

لا حاجة للاستيقاظ في الثالثة صباحًا، 30 دقيقة قبل وقت استيقاظك المعتاد. شخصيًا، دفعني الحماس قليلًا وأصبحت أستيقظ قبل منبهي المعتاد بساعة أو ساعتين؛ لأنجز أكثر.



  • العادة الثانية: ممارسة اليوغا والتأمل. 

وضعية التأمل زن. ( زن تعني استغراق التفكير أو التأمل، وتهدف تعاليم مذهب زن العودة إلى الأصول الأولى البوذية، وخوض التجربة الشخصية التي عاشها بوذا، فعن طريق اتباع هذه الوضعية توصّل بوذا إلى حالة الاستنارة أو اليقظة.)لقد استفدت من عادتي الأولى كثيرًا، ودمجت عادتَي اليوغا والتأمل لتصبح جزءًا من الروتين الصباحي، ولكن العديد سيتساءل عن علاقة اليوغا مع تعلم اللغات؟، سأجيب ذلك.

لم أتصور أنني سأقول ذلك عن نفسي، لكنني ذات شخصية عصبية جدًا، وأسترخي عن طريق ممارسة الملاكمة فقط، وكان شيئا غريبًا أن أجلس بوضعيات اليوغا المختلفة وبدون حركة ولم أمارس ذلك من قبل. حين كنت أتعرض لضغوطات كبيرة لأسباب مختلفة، كانشغالي في الاختبارات وقت الدراسة، متقلبة المزاج وسيئة في مستوى العلاقات، عاجزة على النجاح في أي شيء من فرط الإجهاد، كانت هناك صديقة لي تُشفق على حالتي؛ لأنها لم تفهم حالتي.

بعد التأمل في ذاتي، أدركت أنني كنت خائفة من الفشل، كنت أريد النجاح لدرجة أنني رفعت سقط طموحاتي إلى حد لا أقدر عليه، كنت شخصًا متطلبا مع ذاتي، وأركز بشكل مفرط فيما أفعله مما أدخلني في حلقة مفرغة لا تنتهي، لأكون بذلك عمياء.

الإجهاد له آثار مدمرة، و ضرر على مستوى صحتك الجسدية والعقلية.

  • ماهي العلاقة بين اليوغا واللغات؟.

الإجهاد يؤثر على الذاكرة، اختبرت ذلك حين كنت في الثانوية، لقد كنت أتعلم اللغة الألمانية. راجعت المفردات دون توقف في الكلية، ولم أضيّع أي دقيقة من وقتي، لكن بينما كنت أظن أنني أراجع، كنت أرهق نفسي والنتيجة لم أتعلم جيدًا، ولم أركز فعليًا، ولم تكن طريقة تعلمي صحيحة. لم أستطع التركيز لأنني كنت مضغوطة ومتوترة للغاية.

تعلمت التحكم بتوتري، وأن أركز 100% في عملي الحالي عندما بدأت بوضعية الزن، مع اليوغا والتأمل. الآن، حين أتعلم مفردات باللغة الألمانية على سبيل المثال، يكون تعلّمي أكثر تركيزًا وبنتائج أفضل، لا أحتاج مراجعة نفس الشيء ملايين المرات، وكأن ذاكرتي تحررت من أثقالها، وأصبحت أفضل.


  • العادة الثالثة: التحدث إلى الناس.
  • هذه العادة جعلتني أكتشف ما وراء الكواليس، تعرفون ذاك المراهق الذي يردد: اتركوني!، و يريد أن يبقى في غرفته؛ لأنه لا يريد أن ينخدع؟، أنا كنت مثله، أحببت البقاء في غرفتي بدون رغبة بالحديث مع الآخرين. بالطبع سوف تستغربون، كيف لا أريد الحديث مع أي شخص بينما كنت أريد التحدث باللغة الإنجليزية!، حسنًا هناك مشكلة، أحلم بالسفر، بالسفر دون مقابلة أي شخص، أخاف من الذهاب إلى الآخرين، ولكن عندما سافرت لأول مرة في الثامنة عشر من عمري اختفت شخصيتي القديمة. بالأحرى كنت مجبرة على التحدث مع الآخرين، لم يكن حديثي واضحًا بلغتي الأم، ولا باللغة الأخرى التي أتقن نصفها فقط، ولكني لم أكن وحيدة فعلا، يمكن للآخرين مساعدتنا، بل وسيكونون سعداء بذلك.
  • تحدث معي.

بدأت بالتحدث مع الآخرين، واكتشفت أنهم مثيرين للاهتمام!. ربما كنت متكبرة قليلا ذلك الوقت؛ لأنني لم أعتقد أن لدى الآخرين ما يعطونني إياه من خبرات وأحاديث وإلهام. أتذكر أنني اكتشفت ذلك حين كنت في أمسية نظمها اتحاد إيراسموس( برنامج إيراسموس: برنامج ممول من الإتحاد الأوروبي، غايته تقوية التعاون الأوروبي والروابط الدولية في ميدان التعليم العالي، عبر دعم شهادات الماجستير والدكتوراة، والسماح لطلاب العالم لإجراء دراساتهم أقله في مؤسستين للتعليم العالي الأوروبي.) ، بينما كنت أتحدث الإسبانية -أو على الأقل كنت أحاول- مع إيطالي، سويسري، سويدي وشخص ألماني في أمسية واحدة، ولكن قبل هذا كله كنت أستمتع. ذُهلت في تلك الأمسية، كانت تجربة مثرية؛لاكتشاف هؤلاء الناس، خبراتهم، أهدافهم، وجهات نظرهم والأسباب التي تدفعهم على العيش. إضافة على ذلك، ما يجعل الرحلة رحلة حقيقية وممتعة هي تلك اللقاءات الجميلة التي تبقى فعليًا من رحلاتي. يمكنك أن تكون بمفردك في أجمل بلد في العالم، ولكن هذه الرحلة لا تكون جميلة إلا إذا قابلت أشخاصًا جميلين.

وهكذا انفتحت على العالم، وخصوصًا على الناس، كنت ذات طبيعية انطوائية، أما الآن أنا أختلط مع الناس بسهولة أكبر. كان السفر كعلاج لي، و عند تعلم لغة يكون من الواجب عليك الانفتاح على الآخرين.

  • لنكتشف العقول العظيمة!.

لست معتادة على الحديث عن نفسي في مقالاتي، لكن لأسباب وجيهة ذكرت عاداتي لأحاول فقط أن أقدم أكبر قدر من الفائدة للتقدم في تعلم اللغات، أردت أيضًا أن أؤكد على فكرة الخروج من الأفكار المعتادة وأن تذهب إلى ماهو أبعد، وبينما ترى أن هذه الأفكار بعيدة سترى أيضًا أنها مرتبطة بشكل وثيق في طريقة تعاطيك مع أهدافك الرئيسية، مثل فكرة ارتباط ممارسة اليوغا وتعلم اللغات.