من حق كل شخص أن يشعر بالضبابية, بالازدحام الداخلي, بالتحيُّر في ماذا يمكن أن يحدث معه في مرحلة/ موضوع/ منعطف ما في حياته, من حقه أن يحمل همه الخاص من المراحل الأولى لهذا الهم وحتى المراحل الأخيرة لانجلائه أو انجلاء ضبابية التفكير عنه, من حق هذا الهم عليه أن ينمو لحظة بلحظة ويكتمل ثم يتلاشى ببساطة كما بدأ ولو امتدت مرحلة النمو إلى الما لا نهاية!
أن تهتم لشخص يحمل هماً يعني أنه في لحظة ما ربما يغزو اهتمامك مساحة همه , ربما تحاول أن تفهم معه ماهية ذلك الهم وهل معه حق في ذلك أم أن معه شيء من الحق وكثير من خطأ تقدير الأمور مثلاً, ربما تحاول أن تخبره بأنها مرحلة يمر بها أي شخص أو أنك مررت بها من قبل وأنك فعلت فيها ولم تفعل وحصل معك فيها ولم يحصل. ربما حتى تتهور -كما فعلت أنا- باجتياح تفكيره, ببسط المشكلة وتفكيكها حتى تصلا إلى نتيجة أن حقيقة ما يمكن أن يحمله من هم أبسط بكثير مما تخيل. أن همه تكوّن من جزئين, أحدهما تكفلت به خطة زمنية لجهة ما مفروضة عليه وكل ما عليه هو أن يركز على اليوم بيومه ليلبي احتياجات تلك الخطة والباقي على الخطة نفسها, ستتكفل هي عنه بمسألة التلاشي من حياته شيئاً فشيئاً, وكل ما تطلبه منه هو أن يهتم/يتقن عمله اليومي فقط. الجزء الثاني هو منعطف مبهم نعم لكنه كأي منعطف لا يمكن معرفة ما الذي يُخبئه له حتى يمشي فيه بنفسه, هو بالتأكيد لا يمشي في مدينة أشباح حتى يخاف وإن حدث وخاف فلأنه بحاجة لخوف يخبره بالذي عليه فعله ليجتاز ذلك المنعطف.
ربما تتهور - كما فعلت أنا- بتفكيك وتحليل كل شيء حتى لا يتبقى له شيء من همه الخاص به, لقد قضيت على فقاعة همه مشكوراً لكنك في ذات اللحظة أنهيت التجربة النفسية التي كان من الأجدر له أن يخوضها بنفسه, أن يحاول اهتمامك الطغيان والتطفل على مساحة هم شخص ما, المساحة الخاصة به وحده, يعني أنك تهتم به فعلاً لكن بالطريقة الخطأ. يعني أن عليك أن تتوقف عن ذلك الآن وقبل فوات الأوان, قبل أن يعتاد بعض من تهتم لأجلهم بالاعتماد عليك أو أن يواجه أحدهم هماً يُجهز عليه قبل أن تستطيع إنقاذه لأنك تكفلت بإنهاء تجاربه النفسية الواحدة تلو الأخرى ولم تترك لدفاعاته النفسية فرصة النمو والتطور من خلال خوض تلك التجارب.
أتساءل وربما تتساءل معي, ماذا لو طلب منك أن تفكر معه, ماذا لو سألك بصراحة: ماذا يفعل؟ .. ما الأجدر له حينها, أن تتدخل أو تقف بجانب الطريق متفرجاً عليه!