د. علي بانافع
فقدان الشغف أصعب مرحلة في حياة الإنسان، وبالذات في سن البلوغ أن يفقد الشاب شغفه بكل ما يعتبره قيم وثمين في حياته: أعمال، أشياء، أشخاص، أماكن … الخ، أحيانا يكون فقدان الشغف حالة مرضية كنوبات الاكتئاب أو عقب الصدمات أو الاختبارات مثلا، وفي أحيانٍ كثيرة يصبح فقدان الشغف حالة صحية بامتياز، ذلك أنه ينكشف لك الغطاء في الوسط المحيط بك فتكتشف أنك قد بالغت كثيراً حين أعطيت لبعض الأعمال والأشياء والأشخاص والأماكن مكانة لا يستحقونها، أو لأنك فهمت حقيقة الدنيا فأدركت الحقيقة: (كله رايح!!) -كما يقول إخواننا الكبار المصريين- إذ لكل قلب مفتاحه، فإذا نقص سن فيه أو زاد لم يُفتح، الكلام الطيب، والمعاملة الحسنة، والشكر والتقدير، والتشجيع والثناء مفاتيح قلوب الخلق -وبالذات الشباب- قال تعالى: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ} [طه: 44].
فوجئت هذا الصباح وزملائي بمبادرة كريمة ورائعة من قائد ثانوية ابن حزم لطلابه المتفوقين، إذ قدم لهم شهادات الشكر والتقدير بإخراج مميز وشكل راقي، عن الفترة الأولى من الفصل الأول للعام الدراسي الحالي 1440/ 1441هـ. شكر على ما قدموه وبذلوه، وشحذ لهمم الآخرين ليشدوا العزم والسير على خطى زملائهم المتفوقين.
إذ ليس البخيل الذي يبخل بماله وجاهه فقط، لكن البخيل الذي يبخل بإبداء مشاعر الشكر والتقدير لطلابه ومنسوبيه ولمن يعمل معه ويسانده، الحقيقة أن عبقرية القائد لا تظهر في الظروف الطبيعية، بل تظهر في قدرته على استغلال الأحداث الجارية والمناسبات وتحويلها إلى إيجابيات، ومواقف لا تمحو من الذاكرة وذاكرة الشباب بالذات، والشكر والتقدير إذا لم يواكبه إحساس صادق بالمسؤولية وبالجهود المبذولة وعرفان بما يُقَدَّمُ له، ورغبة ملحة لتقديم التشجيع والثناء لمن يستحقه.
الشكر قيمة عظيمة، ولا يتقنه إلا القلة من البشر، لذا جُعل الإنسان إما شاكرا أو كفورا، والصلاة على المعلم الأول سيدنا وحبيبنا محمد، ومدحه بما مدحه الله به -دائما وأبدا- شكر لأعظم إنسان، قدم لك شخصيا ولجميع الأمة والإنسانية أعظم أنواع الخير والصلاح والفلاح والنجاة من النار، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه وسلم عدد خلقه، ورضاء نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته ..
فتحية شكر وتقدير لقائد ثانوية ابن حزم الأستاذ القدير والمربي الفاضل/ طاهر بن عطيه الغامدي وفريق عمله المميز، أولئك الذين يبثون الأمل في زمن اليأس، فينيرون المسالك وسط ما اعتراها من حَوَالِك، وينشرون الدواء على ما بهم من أدواء، فأصبح حالهم كمن قيل فيه:
وأسعدت الكثير وأنت تشقى وأضحكت الأنام وأنت تبكي!!