ما كان عثمان بن عفان ينساها لرسول الله ﷺ يوم تخلّف عثمان عن بيعة الرضوان، فيضع النبي يده قائلاً : وهذه يد عثمان.
وما كان كعب بن مالك ينساها لطلحة يوم أن ذهب إلى المسجد متهللاً بعد أن نزلت توبته فلم يقم إليه أحدٌ من المهاجرين إلا طلحة قام فاحتضنه واقتسم معه فرحته.
وما كان لعائشة لتنساها للمرأة التي دخلت عليها في حادثة الإفك، وظلت تبكي معها دون أن تتكلم وذهبت.
وما كان أبو ذر ينساها لرسول الله ﷺ يوم تأخر عن الجيش، فلمّا حط القوم رحالهم ورأو شبحاً من بعيد، وأحسن النبي الظنّ بأبي ذرّ أنه لن يتخلف فتمنى لو كان الشبح له وظلّ يقول: كن أبا ذرّ فكان.
وكان معاوية ينساها لسعيد بن العاص حين مشى سعيد مع معاوية إلى داره، فقال له معاوية : ما حاجتك؟ قال له معاوية: لا شيئ إلا أني رأيتك تمشي وحدك، فأحببت أن أصل جناحك.
ومن جميل ما وُصفَ به ائتلاف روحين ما وصف به العلّامة محمود شاكر علاقته باستاذه الرافعيّ فقال: كنا روحين تناظرتا من بعيد، وتناسمتا من قريب، فعرفته وعرفني، وكان بيننا سرٌ جامعٌ لا أدري كيف أصفه! ولكن كان من يعرفني ويعرفه يجد آثاره.
يا رفيق.. اعلم إنما الرفاق للرفاق أوطان، يؤنسون الفؤاد، ويقيلون العثرات، ويغفرون الزلّات، يوسعونهم ضماً ويغدقون عليهم الحنان، ويحسنون بهم الظنون، ويأخذون بيدهم من غياهب التيه، إلى نور الطريق إلى جنان الله حيث جمعات الأصدقاء تحت ظلال عرش الرحمن، وهكذا كان "الإنسان" مجبولاً على الأُنس بالنفوس، ويحسن إليها، والله من قبل يحبّ المحسنين.