يصعب علي نسيان اللحظات التي أدخل فيها المطبخ و أجد أمي منهمكة في تحضير الأكل بكل تفاني .. فتسألني الجلوس و تحضر لي القهوة و تكمل ما هي بصدد القيام به فأسهو في ملامحها وقتا شعور لا يوصف حقا .. أتخيل حينها أنني أدخل المطبخ مرة أخرى و لا أجدها !! ...

يرتعش جسدي كل مرة أتخيل فقدانها .. رغم أنه حقيقي لا بد من ذلك في يوم من الأيام .. لا أحد باق كلنا زائلون .. حتى أنني أتمنى حينها و أرغب بشدة أن تخطفني المنية قبلها .. فنحن البشر لا نشعر بقيمة الأشياء التي تحيط بنا إلا عند فقدانها ..

إنها طبيعة بشرية محضة فلا ننتبه و لا نبالي حتى نذوق مرارة زوال هاته النعم .. حتى البكاء و النحيب لن يدوم طويلا .. بل سيدوم الندم و تطول أيامه حين نتذكرهم و تصفعنا الذكريات .. حين يصبح البيت مظلما و ألوان الجدران عاتمة .. لا شيء يسير كذي قبل لن يكترث أحد لشكلك و لا لمظهرك فمرآتك قد تكسرت و لم تعد موجودة .. فلن يربط أحد على كتفك ليطمئنك كما كانت تفعل .. و لن يخاف عليك أحد كما كان قلبها يفعل .. و لن تجد قلبا يحمل لك حبا لا مقابل فيه و لا مثله بعدها كما كان فؤادها يحمل ....