لابد من توافر شروط عدة للسياسي الناجح منها ما هو شخصي ومنها ما هو خارجي ؛ وعندما نراجع سير الساسة الناجحين والقادة الوطنيين ؛ نجد ان نجاحهم كان قائما على معادلة دقيقة نصفها مرتبط بالوعي والثقافة السياسية والمهارات والكفاءات الشخصية والارادة الذاتية ؛ والنصف الثاني مرتبط بالعوامل الخارجية ؛ فقد يكون المرء سياسيا من الطراز الاول الا انه قد يفشل في تحقيق اهدافه الوطنية ؛ بسبب التحديات السياسية الدولية والعوامل الموضوعية غير المناسبة والضغوط الخارجية ؛ فحتى لو توفرت الخصائص الشخصية والسمات الجيدة في السياسي ؛ غابت النتيجة وفشلت مساعي السياسي ؛ في ظل انعدام الظروف المؤاتية والعوامل الخارجية المساعدة ؛ لذا قيل السياسة فن الممكن ؛ فهي تعتمد على العوامل الخارجية اكثر من اعتمادها على سمات السياسي الشخصية وخصائصه الذاتية ؛ فالسياسة التي ترتكز على كفاءات الساسة وصفات القادة الشخصية فقط ؛ تعتبر هشة وضعيفة ؛ فهي كريشة في مهب الرياح الخارجية . 

والشعارات العقائدية والخطابات السياسية لا تجدي نفعا ؛ في ظل غياب الحكمة والحنكة السياسية والوعي الذاتي وفهم الواقع ؛ وانعدام القدرة على استيعاب التحديات وكشف المؤامرات وتحليل الاحداث والمعادلات والتوازنات السياسية ؛ اذ ان هذه الظاهرة السياسية والسمات الشخصية السلبية قد تؤدي الى تحجر وجمود الحالة السياسية , وفشل الخطط والمشاريع الحكومية , وهيمنة الجيل القديم والمتكلس والمتعصب والمؤدلج الدوغمائي وغياب التجديد القيادي , وعزوف الشباب والكفاءات عن الانخراط بالعمل السياسي ؛ وحتى لو تم معالجة تلك الاخطاء والظواهر السلبية في العملية السياسية ؛ لا يمكن الجزم بالنجاح السياسي وتحقيق الاهداف الوطنية ما لم تكن العوامل الخارجية منسجمة مع السياسة الوطنية وتحركات القادة والساسة . 

والويل كل الويل لوطن انعدمت فيه الكفاءات السياسية والقادة والساسة الذين يدركون فن السياسة ويتقنون العمل وفقا لسياسة فن الممكن و الامر الواقع ؛ بالإضافة الى عداء القوى الدولية والإقليمية وانعدام  العوامل الخارجية المساعدة ؛ فعندها تموت السياسة ويضيع الوطن