مفهوم الحساب الجاري في العلاقات مفهوم مهم في بناء العلاقات تعلمته من ستيڤن كوڤي صاحب كتاب العادات السبع للناس الأكثر فعاليةوالذي يسميه بالحساب العاطفي .. وسأقوم بشرح تفاصيل تطبيق هذا المفهوم عملياً في علاقتي مع رؤسائي.
اعتبر بادئ ذي بدئ بأنك تفتح حسابًا بنكيًا جاريًا يمثل رصيده مستوى علاقتك مع رئيسك في .. يحتاج هذا الحساب لإيداعات ليبقى نشطًا وكي لا ينضب من كثرة السحوبات .. فما هي الإيداعات اللازمة لجريانه؟ قسمت الإيداعات إلى نوعين أخلاقية وعملية وسأوضح كل نوع على حدة ..
إيداعات أخلاقية:
- التحية والمصافحة .. رسالتا الأمان والسلام والغفران للمؤمنين.
- الابتسامة الصادقة .. فماذا في الحياة يدعو للتجهم، هل سنحقق نصرًا أو نثبت مكانتنا بهذا الفعل ؟ ولا ننسى بأن الابتسامة صدقة. قد تكون من الناس الذين يبدو عليهم التجهم عندما يفكرون بعمق (مثلي) فتنبه لهذه النقطة وحاول معالجتها بالإدراك الواعي لذاتك.
- الصدق .. منجاة.
- الاستئذان .. بالإبلاغ عن مكان التواجد أو استئذانك عند الخروج لمهمة أو طارئ..وهو ضروري مهما بلغ شأوك في المنظمة..فهو دلالة التقدير والحرص على عدم إضاعة الوقت في البحث عنك، كما أنه أفضل من أن يُكتشف غيابك فجأة، وهو مفيد جدًا في حالة خوض بعض المغامرات الفنية التي لا تعلم عواقبها.
- الاعتراف بالفضل .. لا يوجد عنه غنى .." كم كانت المعلومة التي أعطيتني إياها مهمة"..صف لي شعورك عندما تسمع هذه الجملة من أقرانك أو مرؤوسيك فضلاً عن رئيسك.
- الشكر .. لايحتاج إلى تعليق.
- الاعتراف بالخطأ والاعتذار .. من أهم الفضائل التي يحض عليها الدين والخلق السوي.
إيداعات عملية:
١. الإنجاز : هل أنجزت ما أوكل إليك من مهام، أو بدأت في تخطيط وإنجاز المهام الطويلة تدريجياً؟ إن منشأ العلاقة مع رئيسك هو العمل..والعمل يعني الإنجاز فبدون الإنجاز ليس للكلام أي معنى..فقد تمضي الساعات الطوال في النقاش والمقترحات وفي اليوم التالي..سكون شديد وكأن الموضوع لم يذكر..ستقول بأن المهمة لم توكل إليّ .. إذا ما فائدة الوقت الطويل الذي مضى؟ أنت إذًا تتكلم في مالا يعنيك وتضيع وقت العمل في القيل و القال..إذا لم تكن المهمة مسندة لك أو كان وقتك لايسمح بالمشاركة فيها، فعلى الأقل اطرح أسئلة أو قدم مقترحات لمن سيقوم بالمهمة وقدم له الدعم قدر استطاعتك. (كم هو ممتع تقديم الاقتراحات عندما لاتكون المسؤول عن المهمة).
٢. المحافظة على المكتسب :
واسمح لي هنا بأن أستخدم كلمة معلومة لتشمل أي تبادل معرفي سواء كان معلومة أو استشارة أو تدريب .. إلخ.
- تقدير المعلومة التي تقدم لك وإن كانت بديهية بالنسبة لك فهي على الأقل تعزز ثقتك بقدراتك ومعرفتك واطلاعك، فكون أن شخصًا يقول لكمعلومة معروفة لديك فهذا لا ينقص من قدرك ولكنك لو أغلقت الباب بكلمات من شاكلة: " أعلم ذلك منذ زمن بعيد " أو " هذا بديهي" أو "هذا أسلوب عفى عليه الدهر فالناس الآن يفعلون كذا وكذا" فستخسر كثيرًا عاجلاً أم آجلاً. حتى لو كانت المعلومة قديمة فليس من الأدب أن نطيح بها هكذا.
- المحافظة على المعلومة بعدم إضاعة الوثائق وإهمالها بل بتصنيفها وحفظها للرجوع إليها. فمن أشد المواقف إيلامًا أن يهمل أحد معلومة أو وثيقة بذل شخص آخر جهدًا في إعدادها، فيلقي بها هنا أو هناك ولا يكتفي بذلك بل يأتي لاحقًا للسؤال عنها فيقول بكل برود " كانت لدي .. ولا أدري أين هي الآن .. أظنها في مكان ما .. فهل ممكن ترسلها لي من جديد" دون أن يقدم كلمة اعتذار ويلتزم بالمحافظة مستقبلاً.
- تطبيق ماتعلمته أو على الأقل المحاولة إن كنت تشك في جدوى ذلك ولن تخسر شيئاً .. ستقول لي بأنك ستهدر وقتاً في التجربة دون جدوى. وأقول لك ..فكر في الوقت والجهد السلبي الذي ستبذله لإقناع رئيسك دون دليل بعدم الجدوى، وفكر أيضًا بأن خبرتك ستنمو باكتشاف الطرق التي يجب أن لاتسلكها في المستقبل لأداء مثل هذه المهمة في حال ثبوت عدم جدواها .. إذًا الجميع مستفيد.
٣. تقبل النقد:
أعلم أن هذا مؤلم جدًا ولكن هذه حقيقة يجب أن نتعايش معها. نحن لسنا فوق النقد لأننا أنهينا الدراسة النظامية المفعمة بتصحيح أخطائنا بكافة ألوان الأقلام وبمختلف ألوان التوجيه القاسي أو الدرجات المنخفضة. من الآن بدأ النقد الأهم..النقد الذي قد ينقذ حياة إنسان أو ينهيها بسبب ارتكاب خطأ في تصميم أو نسيان تركيب مانع تسرب أو عدم شد صامولة أو عدم إغلاق صمام أو عدم الاتزام بتعليمات السلامة. ربما تشعر في قرارة نفسك بأنك فوق النقد وأن رئيسك متسلط وهذا شعور غير صحي. أصخ السمع إلى التفاصيل الصغيرة والمهمة في النقد الموجه لك وحاول أن تستفيد منها بدلاً من أن تصم أذنيك وتتجاهله فذلك سيعيقك من التطور وسيزيد من تدهور الأمور، وتذكر أنك قد تصبح رئيسًا وستمر بنفس هذه المواقف يوماً ما.
مفهوم الحساب الجاري بسيط لكن إبقاءه نشطًا وبرصيد متنامي يتطلب جهدًا ذاتياً وصبراً ومثابرة .. في التدوينة قادمة سنتعرض لأدوات عملية تساعدك في تحقيق ذلك فحتى ذلك الحين .