أي بُني:
إني أعرفك الدُنيا قبل أن تخرج إليها، وقبل أن تخرج منها
إن الدنيا حلوة خضرة كمثل ماء البحر لونه جميل طمعه أجاج
من شرب منه شربة عطش، ومن أدرك حقيقتها نجا!
و إني أراك اليوم عوداً أخضر، وزرعاً أزهر أنبته الله بماء الفطرة العذب فلا تغرنك الدنيا، وإن الموت الذي تفر منه أنت ملاقيه، وكل مافي الدنيا ملاقيه أنت مفارقه، وبين أن تكون في جناتٍ ونهَر، أو أن تكون في جحيم وسقر يكون من نتاج حياتك ومجموع إختياراتك، وإن روحك ستغادرك ونفسك ستفارقك، فلا تهن نفسك المعاصي، وأعلم أن قطارك قد تحرك منذ صرخة مخاضك الأولى
 وإنك في تجارة مع الله،  وعليك باغتنام المكاسب،
وإياك أن ينزف عمرك و أيامك دون أن تحشد فيه جيشاً من صالحات العمل وكنوزاً تدخرها لسفرك الذي أنت قادم عليه وموعد رحلتك مجهول بالنسبة إليك منتظر في أي لحظة والحقيبة لن تتسع لكل شيئ، وإن كنت اليوم فوق الأرض غداً ستكون تحتها ولو تعلم ما يقال من تحتها لإتقيت ووقيت نفسك وأنت فوقها، ولو ذقت من حرها وزمهريرها لسعيت وعلى خطيئتك بكيت! و من الملك رعباً وخوفاً خشيت، ولرأفت بالحال من سبقك، ولنظرت للعصاه نظرة أسفٍ وخوفٍ، ولصار الذكر شهيقك وزفيرك، ولرحمت الخلق، عسى أن يرحمك الخالق!
أنت اليوم مسربلٌ بأبهى الحلل وغداً مسربلٌ بالكفن! 
وبعد أن كنت تجالس الخلان، سيُجلسك الملكان!
وستجد السرائر في اللوح منقوشة، والأعمال التي فعلتها أمامك مفروشة، والعملة هناك أعمالٌ صالحات!

فلا تنس أن الموت الذي تفر منه حتمًا سيلاقيك، ففر من نفسك إلي الله فإنه نعم الفرار وإلجأ في كل صغيرة وكبيرة إليه  والسلام!