كان هناك وكانت وظيفته الهدم ..

فظنوا أنه مفسد ، ومعاد للتقدم ومصالح الناس 

فأخذوا يحاولون إقصاءه ويشوهون صورته ..

ثم أصبح جماعة لايستطيعون البناء الذي يتمنونه ويستغربون ما الذي نحتاجه حتى نعمر مستقبلنا !!!

حتى تنبه أحدهم أنهم بحاجة لذاك الذي حاربوا وجوده بينهم ..

بحاجة إلى الهادم حتى يستطيعون البناء والتعمير الذي ينشدونه لحياة الرغد والراحة الكبرى .

لقد وصل هذا المتأمل أن من عوائق البناء أنهم ينشغلون بأمور قشرية وهامشية يقفون عندها كثيرا ..

ومنها أبنية يحرصون على بنائها لبريق يجذبهم بها وإنما هو في حقيقته بناء لما يزين شوارع حياتهم فيأخذ من عمرهم حيزا يصرفهم عن الوصول لأراضيهم الخاصة بهم حتى يعمرونها •°

ومن هنا كانوا بحاجة إلى هذا الهادم ..

كلما غفلوا وشغلهم البناء خارج الحدود هدمه لهم وأعانهم على المسارعة للوصول إلى أرضهم حتى يبنون فيها ويشيدون ما يريدون لمستقبلهم الحقيقي من قصورهم الخاصة  ويبدعون في تزيينها وغرس جنانهم لتكون ذوات أفنان وعيون جارية وسرر فارهة مرفوعة وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة .. 

إنه حين يهدم لهم زخرفا زائفا إنما يفتح لهم أبواب زمن يخدمهم فيه ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبت من حسنهم أنهم لؤلؤ منثور يطوفون عليهم بمايشتهون..

وحينها يزول كل تعب ويتوقف كل عمل مجهد .. هناك النعيم .. هناك التزاور والسرور والهناء الذي لاينتهي. 

إنها جنات يكمل نعيمها برؤية الجميل خالق الجمال .. الغني الكريم صاحب الفضل العظيم .. هناك نرى رب العالمين ♡

ترى هل بدأت تدرك أن هناك هدما ضروريا لتستطيع إعمار بناءك الذي تطمح فيه؟

هل بدات تعقل أهمية تذكر أن أمامك موتا يوقف عملية البناء في لحظة تجهل متى تكون .. فإن شغلتك شهوات دنياك فاتك تعمير دار البقاء ؟

حقا .. إن نبينا صلى الله عليه وسلم قد دلنا على الطريق .. وأحسن نصحنا حين قال :

( أكثروا من ذكر هادم اللذات)

وهناك زيادة جميلة يقول فيها :

( أكثروا من ذكر هادم اللذات الموت ، فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه ، ولاذكره في سعة إلا ضيقها عليه ) - صحيح الجامع -

اللهم جمل دنيانا وآخرتنا بحسن التقرب إليك وأسعدنا بذكرك في كل حال ■ 

١٤٤١/٣/٢