عندما سلك عمر الخيام طريق الحريّة منتزعاً حقه عنوةً، قال له المرجفون: إيطاليا تمتلك طائرات لا نمتلكها، قال : أتطير فوق العرش أم تحته؟ فمن فوق العرش معنا فلا يضرنا من تحته.
حين يقابل الفلسطيني تحالفاً عالمياً غاشماً على بقعة جغرافية تستطيع أن تعبرها بالسيارة من أولها لآخرها خلال عشرة دقائق فقط، ويقابل بأسلحة تجرب على جسدٍ هزيل أرهقه الجوع والعراء والفقد، ليحظى السلاح ببراءة اختراع تغري مشتريه من دول الفساد والطغيان، ليجرب أصنافاً من القهر والذل وخذلان القاصي والداني ويقابل الأيام التي تنتزع منه روحه عنوة بالتسليم والحمد والوفاء للدماء التي سالت وستروي أرض المقدسات، ويقف أمام مستقبل غير واضح المعالم، على دوي الزنانات والطائرات ووعود جديدة من مسخ أمريكي جديد يدير هذه الحرب، يعد بتغيير جذري في المنطقة وباتساع رقعة الإحتلال على حساب أرضه ووطنه، وبمزيد من التضييق والتنكيل على كامل شعبه، ويعيد ترتيب هذا العالم الذي امتلأ حقاً بالجنون كأنه يقف أمام لعبة شطرنج يحركها كيفما يشاء بقوانين عوراء وضعها رعاة الشرّ، تُرك الفلسطيني وحيداً إلا من عقيدةٍ ثابتة، وقضيةٍ واضحة لا لُبس فيها، يقف أمام حقيقة مطلقة لا تقبل الشك، أن الله أكبر من كل ذاك.
ما أشبه الأمس باليوم!، إنّ المتأمل لوقائع التاريخ ولسنن الله في الكون لا ينفكّ منبهراً في كل واقعة تعيشها الأمة من الترابط الوثيق، المتغيّر هو المكان والزمان والشخوص، ابتداءً من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يومنا هذا، وثبوت أنها معركة حقّ وباطل، كفر وإيمان وأنها مراحل تمحيص وثبات وسقوط يرفع بها من يشاء ويذل بها من يشاء، والنتيجة علو الحقّ على الباطل، وانتصاره وإن طال الزمان وعصفت المحن، ودارت رحى حرب الشبهات، وإن طغى اليأس على الأمل، فإن كل ما يحدث عين الله ترعاه ويحدث في ملكه وحده لا إله إلا هو، فمن الإنصاف بحق هذه الوقائع التاريخية أن نمر عنها ونحمل ما فيها من دروس وعبر نجعلها زاد الرحلة وأنس الطريق، وإعذاراً وتبصرة لكل من جعل تفاوت العدة والعدد معياراً لترجيح الكفّة، وجعل من نفسه وقلبه ضحيةً ومرتعاً للمرجفين والمخذّلين والذين من دونه.
﴿وَیُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِینَ مِن دُونِهِۦۚ وَمَن یُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادࣲ﴾