تحتوي صفحات التاريخ على أيام حدثت فيها أحداث مفصلية مفرحة أو محزنة ترسخت في الأذهان بحيث لا يمكن لِمَن عايشها أن ينساها ، ومَن لم يعشها فبالقراءة أو تواتر الأحاديث يعلمها فتأخذ مكانها في ذهنه بالرسوخ كما لو كان من الذين عايشوها !

ومن الأحداث الفاصلة القريبة تاريخاً والمعروفة وقعاً ومكاناً ، حادث ضرب حقلي ومصفاتي بترول بقيق وخريص التابعة لشركة أرامكو السعودية ، بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة في يوم السبت 14 سبتمبر 2019م وهي الضربة المفصلية الموجعة بل القاصمة لأهم وأغلى منشأة نفطية سعودية ، حيث النفط هو عماد البنيان الاقتصادي السعودي ، وهو العمود الفقري الذي تقوم عليه الحياة المعيشية في السعودية بكافة تفرعاتها وتنوعاتها ومقتضياتها !

وقد تبنى العملية ( ضربة بقيق وخريص ) اليمنيون المتصدون للعدوان التحالفي الذي يشن الحرب على بلادهم بقيادة السعودية على مدى - حتى تاريخه - 4 سنوات و 7 شهور بدون توقف ( جواً وبراً وبحراً ) !

ولأن السعودية - في عهد الطاووس ونائبه المهووس - تستبسط شأن اليمنيين وتستهين بهم وتعتبرهم أقل مستوى من الآدميين ، فقد ادعت بأن مصدر الضربة ليس اليمن ، ولم تحدد الجهة التي تعتقد ( السعودية ) أو هي متيقنة أن الصواريخ والطائرات المسيّرة التي ضربت بقيق وخريص أتت منها !

وبقت السعودية على حالها نافية أن يكون المصدر من اليمن ، وفي ذات الوقت عاجزة أو خائفة أو منكسرة عن أن تشير بسبابة الاتهام والادانة للجهة التي تظنها المصدر ، وذلك انتظاراً لما سيقوله إله آل سعود ( ترامب ) الذي عرف ما في نفس الذليل السعودي فجبر بخاطره وقال أن المصدر من الشمال ، واحتمال يكون من ايران ! وهنا التقط الببغاء السعودي ( الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع ) المزمار الترامبي وزمّر فيه بذات المعزوفة الترامبية ( ايران هي المصدر )! ولم يدرِ هذا الأبله أنه جاب العار وليس العيد لبلاده حين قرر وأصر على أن ايران هي التي ضربت حقلي بقيق وخريص ، وهو يعلم أن بلاده بقيادتها وجيشها وتحالفها أجبن من أن ترفع النظر صوب ايران ، دعك من أن ترد عليها بالمثل !

وحتى كتابة هذه السطور واثار حرائق مصفاتي بقيق وخريص لم تزل ظاهرة للعيان ، والسعودية ما زالت مصرة على أن الضارب هي ايران ، ولم تفعل دولة الاستشجاع على أطفال اليمن في شأن ضربة حقولها النفطية ، إلا البكاء والاشتكاء والاستنجاد والاستنصار بمستهلكي النفط الدوليين ليوفروا الحماية للبترول المنتج من الأرض السعودية بإعتباره - حسب تصريحات المسؤولين السعوديين - ملكية عالمية وليست سعودية !؟