بقلم عدي مقبل الحسن نقلا عن الحوار المتمدن 

إن كنت ترزح تحت خط الفقر في الأردن فتلك مصيبة. بالتأكيد! فأنت بالكاد ستتمكن من تحصيل لقمة عيشك، ستتمنى لليل أن يطول لكيلا يصبح اليوم التالي عليك ليطل بالتزاماته يسألك أن تسدها. ستتأخر في العودة لمنزلك لتتفادى مالكه يطلبك الأجرة وزوجك تطلبك القوت وعيالك يطلبونك أي شيء وكل شيء. ستتجنب المناسبات الاجتماعية لكيلا يصيبك من تبعاتها طلب هدية أو نقوط لهذا أو ذاك، منحوك إياه كقرض آجل عشية ولادة أو صباح نتائج توجيهي. ستصيبك تخمة الشكاوى بصمم طوعي فتصبح الحاضر الغائب بامتياز، ويضحي تقلب المواسم عليك كمشهد رمادي تمر عبره في قطار مسرع فلا يكون له طعم.

أما إن كنت ميسور الحال في الأردن، أو ابتلاك الله بالنجاح أو السلطة أو الحظوة فالمصيبة أعظم!

إن كنت ميسور الحال في الأردن فلك كل البغض، وليس الأمر شخصيا، فنحن ببساطة لا نرضى بقسمته جل وعلا بين عباده.

أولا أنت متهم ثبتت تهمتك أم لم تثبت. تطالك الشائعات عن يمين وشمال ولا تنجو من أيها لأن من يلوكون سمعتك بألسنتهم سمعوا من فلان الذي سمع عن فلان الذي سمع عن فلان وما أحدهم بشريف لينقل عنه، ثم انتقل خبرك للعامة التي تعلق سوء حظها على ما تراه حسن حظك.

ثانيا، أنت مذنب بتهمة نجاحك، وهذا لا يلاحق سمعتك فقط بل مالك أيضا. مصادر أموالك مشكوك بها وأنت إن حلفت لكل مواطن أردني أغلظ الأيمان بحلال مالك ما صدقوك ولو شهد لك عشرة رجال ثقات عدول. في خضم المعمعة، تلحقك السمعة أينما حللت أو ارتحلت فتتأثر أسهمك وأعمالك في البلاد وخارجها بسبب ما أثير بحقك.

ثالثا، أنت مقصد كل من له حاجة، ولو كفيتهم بدينار عابوا عليك أن لم تكفهم بعشرة، ولو كفيتهم بعشرة عابوا عليك أن لم تكفهم بمائة وهكذا دواليك حتى ينشغلوا بآخر.

رابعا، أنصفك القضاء الأردني أم لم ينصفك، لا قضاء يحكم الفضاء وهنا أعني الفضاء الإلكتروني، فلأنك ميسور الحال لا يوجد ما يمنع أيا كان في الأردن من التشهير بك يمنة ويسرة عبر أشباه الصحفيين من المرتزقة على أكتافك لأنك مصاب بلعنة النجاح.

بطلنا هنا يدعى نبيل بركات، ولمن لا يعرفه فهو رقم صعب في معادلة الوطن الذي يضم الجميع. فلسطيني أردني يعتز بهويتيه حيثما حل وارتحل. عصامي بنى نفسه من الصفر وتجده يفخر بالأيام الصعبة كلما تحدثت إليه لأنها علمته كيف يكون. لا يغلق بابه دون سائل ويعامل عمال الوطن كما يعامل كبار الشخصيات، يده في الخير ممدودة لمؤسسات البلاد قاطبة دونما حب ظهور وتواضعه مشهود له من القاصي والداني، يرمى بالحجارة فلا يرمي إلا بأطيب الثمر. عين عضوا في مجلس البحث العلمي بجامعة الأردن وفي الجمعية الأمريكية للمهندسين الميكانيكيين، كما عين عضوا في المعهد الأمريكي للملاحة الجوية والملاحة الفضائية. تم تعيينه بموجب مرسوم حكومي من رئيس وزراء الأردن رئيسا لمستشفى عمان الجراحي أحد المستشفيات الرائدة في المملكة الأردنية الهاشمية، عينه وزير التجارة الأميركي كعضو في جمعية الحوار التجارية الأميركية، من مؤسسي جامعة فيلادلفيا، عضو مجلس أمناء الجامعة الأردنية، ومن مؤسسي جامعة قاسيون.

ظهر اسم نبيل بركات في الفضاء الإلكتروني عندما رفعت عليه قضية منذ سنوات، وكأي مستثمر زج اسمه في معرض الفساد الذي لم يعد يميز بين صالح وطالح في البلاد. يمكن لأي كان أن يقاضي أيا كان في بلاد الديمقراطية، ولكن المثير للحفيظة أن يبرئه القضاء بعد سنوات ويستمر الزج باسمه فيما لا صلة له به باسم ذات الحرية التي منحتنا كمواطنين حق التعبير. القضية بكل بساطة شركة تعرضت للمساءلة وشاء حظه أن يكون مساهما بها بتملك حصة من أسهمها دون أن يديرها.

اليوم، يسطع اسمه من جديد، أقرض بنك الإسكان قرضا لأحد المشاريع التي ساهم فيها بركات. بيع المشروع وجدول القرض للسداد من قبل الملاك الجدد. تذكر بنك الإسكان قرضه بعد سنوات، وبدلا من أن يحجز على المشروع فيباع بالمزاد العلني ويسدد القرض، حجز على أموال من كفلوا القرض أول مرة. خطأ إجرائي لن يلبث في قضائنا طويلا، فقضاؤنا نزيه وإن شابته بعض شوائب.

المشكلة ليست هنا، المشكلة في استغلال أشباه الصحفيين منبرا كان حريا به أن يكون حرا فقاموا بالتشهير بالرجل في حملة أشبه ما تكون منظمة فموضوع كفالة القرض يضمه إلى جانب عشرة أسماء أخرى دون أن يتم التشهير بغيره.

جعل من الحبة قبة، زج اسمه في الفساد وتجارة السلاح والحجز والتوقيف وغيرها مما يطيب لأشباه الصحفيين ممن يمتهنون الفضائحيات ذكرها لحب الظهور أو الحصول على أعطية من هنا أو هناك لتصفية حسابات شخصية، والرجل هو هو، لم يتغير من أمره شيء فهو بريء منها بالجملة.

نهاية القصة، يسأم هذا الرجل أو غيره من أصحاب الأيادي البيضاء فيرحلون باستثماراتهم عن البلاد تفاديا لوجع القلب قبل الرأس.

وهنا أتساءل، أين مصلحة الوطن في "تطفيش" أصحاب الأيادي البيضاء فيعوفون البلاد بمن فيها جراء حملات ممنهجة للنهش في الأعراض؟ أين مصلحة الوطن في التضييق على بناة الوطن، وقاماته، ومستثمريه حتى يرحل باسثماراته التي توظف العشرات؟

لا يخفى على أحد أن الأردن يمر بظروف هي الأحلك منذ عقود. لمصلحة من يتم التشهير بالقلة التي تسند ركائزه؟ لمصلحة من تتم حماية شرذمة من المشهرين الذين أصبحوا كالعوالق التي تمتص ما بقي من دمائنا؟ أين قوانين القدح والذم والتشهير تخضع الفضاء الصحفي للمساءلة عندما لا يتوثق من المعلومة أو "يبهرها" لتسليط الضوء على صحيفة متهالكة تحتاج لعدد من المشاهدات والقراءات لكي تظهر؟

أين رئيس الوزراء يشرع قانونا يحمي فيه سمعة المواطن كائنا من كان؟ أين قانون الجرائم الإلكترونية؟ وإلى متى نعادي النجاح في بلادنا حتى يفشل أو يطفش؟ ليس الأمر حظا عاثرا، وإنما بلطجة صحفية تخلط الغث بالسمين غافلة عن أن الخوض في سمعة المستثمر تنعكس على البلاد، ففضائحية كهذه وغيرها تجعل الأردن يظهر بمظهر بؤرة الفساد في الشرق الأوسط وليس كذلك ولن يكون.

0

نشرت بتاريخ:

10/10/2019