أثناء فترة عرض أكامي غا كيل في 2014 كان موضة الموسم وربما السنة وكان السبب هو همجية العنف الموجود في ذلك العمل وعدم اكتراث المؤلف لحياة أي شخصية في قصته. ولكن وبالرغم من الأساليب الشنيعة التي تموت فيها أغلب الشخصيات في ذلك العمل إلا أنّ موت أغلب شخصياته لم يكن مؤثرًا. في المقابل، موت شخصية واحدة في فينلاند ساغا أثر في لدرجة أن عيني بدأتا بذرف الدموع من دون سابق إنذار. هدفي هنا ليس تحليلًا شاملًا لأسباب تأثرنا بطريقة كتابة معينة عوضًا عن الأخرى ولكن لاستعراض مشكلة تقع فيها كثير من الأنيميات التي تحاول التأثير على المشاهد بهذه الطريقة وهو أن هذه المسلسلات أو الأعمال لا تقضي الوقت الكافي لبناء علاقة بين المشاهد والشخصية وينتج ذلك في عدم اكتراث المشاهد لما يحصل. يمكننا رؤية هذا في حياتنا اليومية في أخبار التسونامي أو الزلازل التي تحصل في الجهة الأخرى من الكرة الأرضية ونرى كيف أننا لا نكترث بشكل كبير مع أن عدد الضحايا قد يصل للمئات بينما لو مات شخص مقرب لتزلزت حياتنا والسبب الرئيسي لهذا هو الوقت والذكريات والتجارب المشتركة بيننا وبين المتوفى. كثير من الأعمال الأدبية تبرع في خلق هذه العلاقة مع هذه الشخصيات وعدد من الكتاب يغوص في كتابة تفاصيل دقيقة جدًا عن شخصياته حتى ولو لم تعرض في العمل بشكل مباشر لمجرد جعلها أكثر تصديقًا.
يقضي فينلاند ساغا أربعة حلقات كاملة في بناء شخصية ثورز، مدة لا أظن أني رأيت أي عمل قصير يقضيها على شخصية واحدة. نتابع في هذه الحلقات الأربع مشاهد متقطعة من ماضي ثورز وحاضره، فاهمين مشاعره وشخصيته كإنسان أكثر فأكثر تدريجيًا. مع اقتراب قلب المشاهد من ثورز ومع احترامه المتزايد له يتصيد المؤلف هذه اللحظة ليسلبنا إياه مثل ما سلبه من إبنه في مشهد أقل ما يقال عنه أنه تراجيدي. ثورز المحارب المغوار لم يمت بسبب أنه كان أضعب من منافسه بل بسبب أن ابنه أخذ رهينة. حقيقة قدرة ثورز على هزيمة عدوه لو تخلى عن إنسانيته هي ما تجعل موته أكثر حزنًا وعند النظر على أن هذه الحادثة وعواقبها هي مجرد أساس هذا العمل يجعلني أتساءل ماذا يخبأ لنا المؤلف في المستقبل من قصص وحكايات تفطر القلوب.