لقد منحني الله فرصة خوض  تجربة عملية  لم أكن أحلم بها ولازلت في خضمها. تجربة مليئة بالنجاحات والإخفاقات ..أصبت خلالها مرات وأخطأت مرات أكثر .. مررت خلالها بمواقف سعيدة وأخرى محزنة .. تعلمت ومازلت أتعلم منها كل يوم.

 تكونت لديّ مع مرور الزمن وتنوع التجارب رؤى وأفكار لتحقيق أفضل النتائج مع الرؤساء، ولكن لماذا أخص الرؤساء بالذات دون غيرهم؟ بادئ ذي بدء للرئيس في العمل دور مؤثر في حياة الموظف العملية والخاصة  وتحقيق النجاح معه من أفضل الإنجازات. 

لقد حظيت بحمد الله بمدير منحني الثقة والدعم النفسي،  ومعلم صارم منحني الوقت ولم يبخل عليّ بأدق التفاصيل الناقدة ابتداءًا بهندامي الشخصي ومدى ملائمته لطبيعة العمل، ومرورًا بأسلوب تخريم الأوراق حسب المواصفات القياسية، وانتهاءًا بمنجزاتي الفنية بل وحياتي الخاصة التي كنت أشركه في بعض تفاصيلها وحسنًا فعلت.. فكنت آخذ كلماته بعين الاعتبار وأحسب بأنني استفدت من هذه التجربة بكافة أبعادها فنلت ثقة معلمي ولم أخيب ظن مديري بحمدالله. 

هذه الرؤى التي أحب أن أشاركك إياها مفيدة للتعامل مع أي رئيس ولكنها أكثر فعالية في بيئات العمل الابتكارية ومع الرئيس المتطلع إلى الإنجاز، المهتم بأدق التفاصيل، المتـفـوق في مجاله، الذي يعتقد أن بإمكانه أن ينجز كل الأعمال في نفس الوقت لو كانت قوانين الفيزياء الكلاسيكية تسمح بذلك، والذي قد يكون في معظم الأحيان، صعب المراس والإرضاء لا تكاد تسمع منه إلا عبارات الانتقاد .. وكلمة رئيس هنا لا تعني بالضرورة المسئول الإداري أوالفني فقط بل هي تشمل كل من يحق له قبول عملك أو رفضه أو تقييمه أو مجرد التعليق عليه. 

قسمت هذه الرؤى إلى قواعد ومفاهيم وأدوات أطرحها في تدوينات متتالية و أبدأها بخمس قواعد أساسية للتعامل مع الرؤساء والتي وجدت أنه من المهم إدراكها وهي كالتالي: 

1. إن المستفيد الأول هو أنت فكونك تنجح في التعامل مع الناس ورئيسك بالذات فهذا بحد ذاته نصر كبير ويساعدك في بناء علاقات صحية قوية مع زملائك ومرؤوسيك أيضًا.

2. إن الله قد جعل زمام حياتك الوظيفية بيدك وليس بيد رئيسك .. أنت وحدك فقط الذي تساعد رئيسك على اتخاذ قرارات من شأنها الارتقاء بمستواك،  أو الهبوط به لاسمح الله، أوفي أحسن الأحوال بطء تطوره. 

3. لا تجعل نفسك ندًا لرئيسك، فالحياة لا تستقيم بتعدد الرؤوس. سيظل هناك رئيس وهناك مرؤوس أو هناك من هو في مستوى وهناك من هو في مستوىً أعلى منه ، وكلٌ عليه واجباته وله حقوقه في نفس الوقت .. هناك من يريد أن تكون له مثل حقوق رئيسه وواجبات مرؤوسيه وهذا مستحيل ..على الأقل في بيئة العمل المنتجة. 

4. إن مكانتك في المنظمة بما تحسنه، فإن تمكنت من التعاون مع رئيسك تعاونًا مثمرًا فستتعلم كثيرًا وتغدوا ثروة مهمة له وللمنظمة ككل.

5. لا تستعجل النتائج فبناء العلاقات الناجحة والتعاون المثمر يتطلب صبرًا قد يطول وتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس : "واعلم أن النصر مع الصبر وأن مع العسر يسرًا".. 

في التدوينة القادمة أستعرض معك بعض المفاهيم المفيدة بإذن الله..