منذُ زمن بعيدٍ جدًا يتخطى أربع دقائق، حدث أمرٌ جلل؛ حيث أشعلتُ سيجارتي من الخلف و لم انتبه انها لم تشتعل اصلاً، إلّا أنني استدركتُ الامر و قطعت الفلتر الاسفنجيّ، فأصبحت السيجارة متاحة من الجهتين للاشتعال، ولا يهم من أين تبدأها.

هكذا تمامًا كتبوا تاريخنا منذ عصور ،تخلصوا من مصفاته(الفلتر الخاص به) و بدأو يكتبونه حسب أهوائهم ورغباتهم .

ففي عام ١٨٠٩ دخل رجلٌ يدعى رومل (ليس القائد الإيطالي) إلى متجر و اخذ منه بعض حاجياته، كان من ضمنها احدى معلبات اللحم المقطّع قطعًا صغيرة، فأصابهُ فضولٌ لتذوقها في المتجر، طلب من صاحب المتجر فتاحة العلب المعدنية،وبعد أن أنهى فتح العلبة وجد بعض الدهون تطفو على السطح فقال له التاجر: هذه الدهون ستغنيك عن استعمال الزيت او السمن لطهي اللحمة، اقتنع رومل و خرج من المتجر و هو يقول (من دهنه قلي له) فأصبحت مثلًا إلى يومنا هذا.

ربما لو انهيتُ حديثي هنا، سيقتنعُ بعضكم أن هذا الحدث هو فعلاً القصة الحقيقيه للمثل المذكور؛ كوني ذكرتُ تاريخًا بعيداً لن يتحقق منه أحد، و (رومل) رجلٌ لا تعرفونه!

ربما بعضكم سيبحثُ في محركات البحث عن القصة، سيجد التاريخ لحدث آخر و الاسم لم يذكر به الا شخص واحد ولن تنطلي عليه الكذبه؛ لكنه سيحفظها و يرويها ويتداولها الناس، فتصبح حقيقة ثابتة بعد فترة، هكذا هو التاريخ !

كذبةٌ كبيرة توارثناها دون تمحيص أو تدقيق و صدقناها، رغم أن بعض احداثها لا يقبلها المنطق أو العقل.

لذا فاكتبو تاريخكم بالدماء؛ فانها الحقيقة الوحيدة التي تُصدق.