1- في ثقافتنا ذات الجذور الجاهلية والبدائية المتخلفة نكره في اللاوعي واللاشعور إنجاب البنات على غرار أسلافنا وأجدادنا رغم كوننا غير قادرين على وأدهم بسبب تحريم النص الديني لذلك منذ أربعمائة وألف سنة ، ونعتبر تربيتهن والإنفاق عليهن أو تعليمهن تعليما جامعيا عاليا ( خسارة !) ، ويتجلى التناقض في ثقافتنا المريضة المأزومة أكثر في كرهنا إنجاب البنات رغم حبنا الكبير و اللامتناهي في ذات الوقت لأمهاتنا ، في تناس واضح مقصود بأن كلتيهما ( أنثى ) وبأن البنت ستصبح بدورها يوما ما أما وستنجب أولادا ، ربما يحبونها لدرجة التقديس !!

وفي ثقافتهم البنت كالولد من حيث توزيع الحب والعناية والإنفاق ولا فرق !! - في ثقافتنا المرأة لا حظ لها في تولي الوظائف العامة الكبرى كالرئاسة والقضاء ، وفي ثقافتهم لا يعيب المرأة جنسها ولا يعطل أو يؤخر توليها أرقى المناصب بالدولة ومثال على ذلك ( تاتشر و ميركل و غولدامائير و شيلر ) ولا ندري لم تنجح المرأة عندهم ونقدر فشلها مسبقا عندنا ؟؟!! .

- في ثقافتنا المرأة عورة ، ناقصة عقل ودين ، وعاء وأداة للجنس ومعمل للإنجاب ، ترث ( نظريا ) وفقا للنص القرآني الذي نؤمن ببعضه ونكفر بالبعض الآخر ، ولا ترث (عمليا ) إلا ما رحم ربي ؛ يعني فقط في حالات مزاجية قليلة نادرة ، وإن حصل ذلك فتحايلا على الشرع وليس على الوجه الأكمل غالبا ! وفي ثقافتهم المرأة نصف المجتمع وكيان إنساني رائع يستحق المعاملة بمنتهى اللطف وتقبيل اليد .

2- في ثقافتنا العم متولي والخال متخلي ( مثل فلسطيني عابر للقارات !) ، وفي ثقافتهم العم كالخال له نفس درجة القرابة ونفس الاحترام والتقدير والقيمة ، حتى إن ذلك المعنى يطال زوج العمة وزوج الخالة و كل من سبق يتشاطر نفس التعبير اللغوي ( uncle )

3- في ثقافتنا أنت ومالك لأبيك وهو حديث شريف صحيح ، يسيء كثير من الآباء استخدامه والاعتماد عليه في هضم حقوق أبنائهم كبارا وإساءة معاملتهم وإهمال رعايتهم وتعليمهم في طفولتهم المبكرة وصباهم ، خاصة إن كان الأب قد تزوج بأخرى وأنجب منها . وفي ثقافتهم هناك حدود واضحة للمسئولية العائلية ونصوص قانونية تحمي الأولاد وتحول دون التأثير سلبا على نشأتهم ومستقبلهم من قبل أي من الوالدين بأي شكل من الأشكال .

4- في ثقافتنا طاعة ولي الأمر واجبة و إن اخذ مالك ( سرقه ) وكذا و إن جلد ظهرك بالسوط أو تفنن في تعذيبك أو سجنك دهرا أو خوزقك كما كان يحصل في العهد العثماني الزاهر... !! الذي يحن البعض إليه توقا إلى الخلافة !! ، فالأمير هو ظل الله على الأرض وخليفة لرسوله ، وهو رباني مبجل منزه لا يرقى إليه نقد أو شك أو اعتراض ، وفي ثقافتهم هو شخص عادي وفرد من أمة لا تموت بموته ولا تسقم بمرضه ولا ينسب له وحده فضلا عظيما أو نصر ، إن اخطأ أو قصر يمكن ويجوز محاسبته أو عزله ، وهو يأكل كما يأكل الناس ويشرب كما يشربون ، ولا يستأثر لنفسه بالخيرات والأرزاق يوزعها كيفما شاء ولمن شاء بإرادته المنفردة ، وهو مثل كل الناس يذهب للحمام ويقضي حاجته وربما يصاب حينا بالإمساك أو الإسهال !! وليست له ذات قدسية !!

5- في ثقافتنا لا توجد في الغالب مساحات رمادية ( مناطق التقاء ! ) ، فالأمر إما أن يكون أبيض أو أسود ، حلال أو حرام ، وفي ثقافتهم لا توجد مسلمات أو غيبيات مبهمة مطلقة ، فكل شيء قابل للأخذ والرد والخضوع لأقصى وأشمل عمليات النقد والتشريح في محاولة لتطوير الواقع والارتقاء بالفكر والوعي والوصول بهما إلى الكمال ..!!

6- في ثقافتنا نتوهم بأننا نعمل للآخرة ( هكذا نظن لفرط سذاجتنا ) فنهمل الدنيا ونزهد فيها فهي زائلة وسخة قذرة ودار ممر ، فنحصد خيبات وبؤس وجوع وهزائم على كل المستويات علمية وعملية ، وفي ثقافتهم يجتهدون أقصى ما يمكنهم ليعيشوا حياة جميلة آمنة رائعة ممتعة وفقا لاعتقاد راق راسخ مفاده أن الحياة الدنيا واحدة فقط ولن تتكرر !!

7- في ثقافتنا لا مؤسسات حقيقة البتة ، فكل شيء صوري والحاكم إقطاعي كبير وجلاد جواربه هي الوطن !! على رأي الشاعر الكبير معين بسيسو ، وفي ثقافتهم الوطن عبارة عن مؤسسة كبرى عامة ، والمجتمع عبارة عن مؤسسات أصغر متنافسة صحيح ولكنها متعاونة متكاملة تتطور دوما وتقوى ولا تفنى بفناء من يكون على رأس هرم قيادتها .

8- في ثقافتنا تسهل الفتوى والتحريم والتجريم ويسهل ليّ النص الديني وتكييفه خدمة للسلطان ، كما يسهل تجنيد الدعاة ورجال الدين ( وما أكثرهم - القرضاوي نموذجا ) لتبرير أي عمل شائن من أعمال السلطان وفقا لاعتقاد راسخ مفاده الاستخفاف بعقول الناس !! وفي ثقافتهم هناك حدود واضحة وخطوط حمر ونصوص قانونية تمنع التجاوز وتجرمه ، وتعطي ما لله لله وما لقيصر لقيصر !!

9- في ثقافتنا الكذب ومخالفة الأنظمة واللوائح والقوانين تحقيقا لغايات ومصالح خاصة مثل التهرب الضريبي وما شابه ( شطارة ما بعدها شطارة ) وفي ثقافتهم أفعال ممقوتة رخيصة تثير الاشمئزاز وتحط من قيمة مرتكبها بنظر نفسه ونظر الآخرين !!

10- في ثقافتنا ينتشر ويستشري الرياء على نطاق واسع ، ويتحول من سلوك محرم مجرم إلى فضيلة بقدرة قادر بدءا من تربية اللحى وارتداء الجلابية ، مرورا بالذهاب والغدو إلى المساجد والجلوس في الصف الأول ، ووصولا للأعمال الخيرية وتوزيع الصدقات على الفقراء والمحتاجين الذي يترافق غالبا مع تغطية إعلامية كافية ووافية على صفحات الجرائد والمجلات وشاشات التلفزيون وصفحات الإنترنت ، حيث لا يقتصر ذلك على عامة الناس بل يطال السلطان وكبار أعوانه وكثير من مريديه الذين لا تروق لهم صلاة جمعة أو عيد إلا على الهواء مباشرة وفي بث حي ومباشر ، وكذا الحال عند توزيع العطايا والمكرمات التي هي أصلا من بيت مال المسلمين !! ، أليس الرياء من الكبائر والسبع الموبقات في ديننا وعقيدتنا والقاعدة أنه يجب أن لا تعلم يمين الشخص ما تنفق شماله ... ولكنها الدنيا و زخرفها !! وفي ثقافتهم تنتشر ظواهر الرياء صحيح ولكن بشكل اقل حدة رغم انه لا نص ديني يحرمها أو يجرمها ...!!

11- ووفقا لثقافتنا ، فإن تاريخنا السياسي رغم كثرة شواهده المخزية هو تاريخ بطولي وتاريخ أبطال ( معصومين !) بلا استثناء ، سواء في شقه الراشدي أو الأموي أو العباسي أو فيما لحق وصولا لعصرنا الزاهر و هو دائما تاريخ يرفع الرأس وهو فوق النقد والتجريح خاصة إن كان أحد أقطابه الفاعلين المؤثرين ( صحابي جليل ... !! ) . وفي ثقافتهم يخضع التاريخ وأبطاله المزعومين لكافة أشكال النقد والدراسة والتشريح بهدف استخلاص العبر وحتى لا تتكرر الهفوات والأخطاء ....!!!

ملاحظة : ثقافتنا المقصودة المرصودة بالمقال هي ( الثقافة المقولبة أو ثقافة القطيع ) و هي الثقافة السائدة في مجتمعاتنا العربية للأسف الشديد !!