لِيبِيَّا فِي طَوْقُ النَّجَاةِ يَجِبُ مِنْ تَسْوِيَتُهَاImage title


ما كان لنا أن نفتقد لغة الود والحوار ونبتعد عن المجاملات بالتغاضي عن الجرح العميق الذي أصاب الوطن من حروب لا مبرر لها، عندما نرى بداية بوادر تسويات وزاري للقضية الليبية على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة وانطلاقا إلى مؤتمر برلين، كان أجدر علينا نحن توجيه ليبيا للأمن والاستقرار أصحاب القضية الليبية.

لازال الأطراف المتصارعة في تعنت كامل وشح التعامل للوصول إلى اتفاق لبداية طريق التفاهم واستيعاب وجهات نظر الطرفين من المعادلة السياسية التي باتت تمثل طوق نجاة هائلة في حل النزعات الداخلية لا سيما أن القضية أصبحت قضية تمس دول أوروبا الصناعية.

فرنسا وايطاليا اليوم على موضع اتفاق تام وكامل إلى عودة الأطراف السياسية المتنازعة إلى الحوار السياسي الذي أصبح اليوم ملحا بشكل متزايد من الدول الخارجية، مما شارك في الاجتماع الوزاري على هامش الجمعية العامة، الأمين العام للأمم المتحدة وممثله الخاص ومن الاتحاد الأوروبي والاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية.

ليبيا أصبحت بين الدول الديمقراطية والصناعية ميدان النقاش المستمر ووجود حلول تسوية للازمة الليبية الشائكة أمر مفرغ منه على مستويين الدولي وحتى الإقليمي في مجتمع فقد فيها أمنه وأمانه واستقراره بعد ثورة الربيع العربي.

مجتمع ليبي ذات الطابع الديني المحافظ المعتدل غير مستعد لتقبل جماعات إرهابية متطرفة تعمل بالوكالة مع دول خارجية للمزيد من زعزعة أمنية واستقراره وتقدمه طيلة السنوات الماضية، فلم يحقق له ساسة اليوم لا استقرار ولا تنمية اقتصادية وسياسية واجتماعية موحدة شاملة.

عاش الشعب الليبي كادحا يبحث عن أمنه واستقراره وتقدمه ونمو اقتصاد الدولة الليبية، وإذا به يسلطوا عليه أناس من الداخل والخارج متخصصين في أسلوب النهب والسلب والفتن والحرب على الإرهاب والهجرة الغير شرعية حتى يكاد ينسى أن له قضية عادلة بين شعوب العالم المتحضرة.

لكن حل مشكلة المهاجرين اليوم من ليبيا إلى إيطاليا لا يكون فقط في توزيعهم بين بلدان أوربية بل البحث المستمر في إعادة استقرار الدولة الليبية ووقف النزاع الداخلي الذي أصبح الشغل الشاغل لدول أوربا من بينها إيطاليا التي تحاول إن تتقاسم المهاجرين القادمين إليها من ليبيا عبر البحر الأبيض المتوسط.

مما وصول أعداد أخرى من المهاجرين إلى رواندا وهي أول مجموعة من ستة وستون لاجئين وطالبي اللجوء الأفارقة الذين انقطعت بهم السبل في ليبيا بموجب اتفاق تم توقيعه مع الاتحاد الافريقي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

تعاني دول أوروبا من تدفقات المهاجرين إليها لعدم وجود استقرار سياسي في ليبيا وهي المشكلة الأساسية وتحذير من الجميع على أن ليبيا دولة لا تستطيع في الوقت الحالي إدارة أزماتها الداخلية.

ومن أجل التوصل إلى استقرار داخلي كان يجب على ليبيا أن تعيد النظر في خلافاتها السياسية الداخلية ليس بمعزل عن مطالب الدول المجاورة لها باعتبار أن استقرار ليبيا هو امن وطني لدولة مصر العربية وتونس الشقيقة. 

ليبيا تشكل قلق دائم إزاء تدهور الوضع السياسي والأمني في جميع أنحاء العالم، والملف الليبي سوف ينتقل مرة أخرى من هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة عند التسويات الوزاري إلى مؤتمر دولي يعمل على مشاركة الجميع لوجود حل للأزمة الليبية التي طال أمدها.

نحتاج إلى معالجات سياسية دستورية شرعية، بعيدين من موجة المجملات حتى لا ندع الظروف العالمية التي تحيط بنا من كل ناحية أن تزيد من النكبات والإحباط التي مزقت البلاد، فالمجاملات ليس نفاق بل هي مضيعة الوقت والجهود من أجل حل القضية الليبية.

بقلم / رمزي حليم مفراكس